الشخصيَّة العراقيَّة بين الرفض والقبول

آراء 2021/10/19
...

  سعد العبيدي 
 
لو أعدنا عرض شريط الانتخابات المبكرة (افتراضاً) لهذه السنة (2021) بما يحمله من لقطات وآراء وانفعالات رفض وحماس قبول، ووضعناه الى جانب الشريط المحفوظ بالذاكرة لانتخابات عام (2018) وشرائط أخرى للانتخابات التي سبقتها بسنين، سنجد ردود الفعل من النتائج رفضاً منفعلاً عند الخاسرين وقبولاً منفعلاً أيضاً بالنسبة الى الرابحين. 
تناقض بين اتجاهين تقل على سطحه الممتد معالم الوسطية والاعتدال، وهو أمر في العراق ليس جديداً من جهة، إذ تشير وقائع التاريخ الى أنه قد حدث مثل هذا التناقض عند تأسيس الدولة العراقية عام (1921) لما يتعلق في اختيار الملك، الذي انقسم حوله القوم بين رافضين بشدة ومؤيدين بقوة. وهو كذلك أمر يتكرر باستمرار في غالب المواقف من جهة أخرى، إذ تشير الوقائع التاريخية ذاتها الى أن هذا النوع من التناقض حصل في عموم المواقف من جميع الانقلابات التي حصلت منذ العام (1936) الى آخرها عام (1968)، وحصل في النظرة الى الحروب والاتفاقيات والمشاريع الكبرى والعلاقات وغيرها، حداً يرقى الى وصف هذا الانفعال بطبيعة مجتمع. 
إن انفعال الرفض السريع في المجتمع العراقي، الذي يمكن وصفه بطبيعة كما ورد، هو في الواقع طبيعة سلبية، بعيدة عن السواء المجتمعي، بل وخطيرة تتمثل خطورتها في اتجاهين:
 يتمثل الأول في أن انفعالات الرفض تنتج في المقابل انفعالات رفض نقيضة تقاربها في المقدار وقد تزيد في بعض الأحيان، فالانقلابات والثورات التي حصلت بسبب الرفض الانفعالي على سبيل المثال أنتجت بطبيعتها انقلابات أخرى نتيجة الانفعالات المضادة، دفعت بالعراق الى عدم الاستقرار لعقود من الزمن. 
ويتمثل الثاني في حتمية التعويق لعجلة الزمن إذ إن البقاء في دوامة التناقض وغياب الاعتدال يؤخر المشاريع ويعطل القوانين الأمر الذي يبقي العجلة كما هو حالها الآن، وكأنها قريبة من المواقع الأخيرة على طريق التحضر والنماء على الرغم من أنها بدأت الأولى في المنطقة. مما يقتضي التفكير ملياً قبل الرفض لمجرد الرفض في مسائل الانتخابات وغيرها.