الصين تعطس فيصاب العالم بالزكام

اقتصادية 2021/10/21
...

أ.م.د أحمد الحسيني 
 
هكذا يبدو الوضع بعدما دخلت المصانع الصينية في أزمة جديدة مركبة ومتكونة من شقين، الاول يتمثل في نقص المعروض من الطاقة الكهربائية في الصين، والذي انعكس على محطات الطاقة وخصوصا العاملة بالفحم والعالقة بين الاسعار المراقبة بشدة من قبل الحكومة الصينية، وتكاليف الحصول على الفحم المرتفعة قياسيا والذي قاد فيما بعد الى انخفاض حجم الانتاج بسبب خسائر التشغيل، ناهيك عن موجة الجفاف التي ضربت بأطنابها العالم أجمع بسبب انخفاض مناسيب المياه التي أدت الى تقليص كميات انتاج الطاقة الكهرومائية. أما الشق الثاني فيتمثل بأهداف حكومة بكين الصارمة بخصوص كميات استهلاك الطاقة الكهربائية (وهي كمية الطاقة المستخدمة فعلا لكل وحدة انتاج) كجزء من خطة الحكومة الصينية لتحسين الاوضاع البيئية، ولكن مع ازدهار الطلب على السلع الصينية دفع المصانع الى تكثيف عمليات الانتاج والعمل بأوقات اضافية خصوصا في الصناعات الثقيلة مثل الالومنيوم، ماقاد الى ارتفاع معدلات استخدام الطاقة الكهربائية ونتج عنه فشل تحقيق الأهداف البيئية التي رسمتها 
بكين.
ونتيجة لذلك فإن مؤسسة غولدمان ساكس خفضت توقعاتها لنمو الاقتصاد الصيني وتوقعوا نموا مقداره 0 % في الربع الثالث، فضلا عن انكماش ثاني أكبر اقتصاد عالمي في الاشهر الاخيرة من عام 2021. ومن المتوقع انخفاض منتجي المواد الكيميائية بين 10 - 20 % في حين من المتوقع ايضا انخفاض صناعة المنسوجات والورق والبلاستيك الى 5 - 10 %، ولايقتصر ذلك على الصناعات الثقيلة وحسب بل قد يمتد الاثر الى صناعات أخرى مثل نقاط شحن السيارات الكهربائية ومصنعي الالواح الشمسية، كما توقعت مؤسسة مورغان ستانلي ان ينخفض اجمالي انتاج الصلب بنسبة 9 % في الربع الرابع من عام 2021 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، بينما ستنخفض صناعة الالومنيوم 7 % وصناعة الاسمنت 29 %، كما توقع كبير الاقتصاديين الصينيين كريغ بوثام {أن اي شيء له علاقة بالمعادن على مستوى العالم سوف يتأثر}، حتى وان لم تصدر الصين مباشرة فإن السعر يتحدد من خلال تفاعل قوى العرض والطلب؛ لذا لا يمكن الهروب منه. 
ويبدو أن العدوى الصينية بدأت تؤثر بشكل مباشر ومحسوس، إذ أعلن معهد ifo الالماني ان اكثر من 75 % من الشركات المصنعة في المانيا بدأت تعاني من اختناقات ومشكلات في سلسلة الامدادات الاساسية لها، وحتى اذا كان من الممكن العثور على موردين جدد في بلدان مختلفة، او اذا قررت الصين زيادة الانتاج، فإن صناعة الشحن ستتعثر ما يجعل من الصعب الحصول على سلع رخيصة وبسرعة. ويبدو أن الاقتصاد العراقي ليس بمنأى عن مرض العملاق الصيني، فقد بلغ حجم الاستيرادات من الصين 30.1 مليار دولار في عام 2020، وتعد الصين من اهم الشركاء التجاريين في قائمة الشركاء التجاريين بالنسبة للعراق، اذ قدر الجهاز المركزي للاحصاء حجم الاستيرادات من المواد السلعية والمنتجات من الصين بـ 21 مليار دولار، لذلك فمن المتوقع وبشكل شبه قطعي ان الازمة الاقتصادية التي تلوح في الافق بسبب وضع العملاق الصيني ستلقي بظلالها على الاقتصاد العراقي الهش وغير المحمي، خصوصا اذا ما علمنا أن أكثر من 95 % من المحتوى السلعي في السوق العراقية هو مستورد من الخارج .