كسر حاجز الكوتا

آراء 2021/10/26
...

 رؤى زهير شُكر 
تتعزز قيمة المجتمع من خلال مكانة المرأة فيه على مختلف الصعد كونها اللبنة الاساس لبنائه، فهي صانعة المجد والفكر، والتي تصارع، وتضحي، وتبني وتنافس لتجعل من تائه فعلا ومجدا يُشاد به، ولأنها أكثرُ من النصف فقد تختلف نظرة المجتمعات الديمقراطية للمرأة سواء كانت سلبيةً أم ايجابية تجاه حقوقها، وحريتها، ومشاركتها، وتصديها للعمل السياسي من خلال المشاركة بالترشح أو التصويت للعمل البرلماني.
 
أما في المجتمعات العراقية فالأمر مختلف جذريا، حتى أنَّ تسنّمَ المرأة مركزا قياديا وظيفيا، أو سياسيا يختلف بحسب المنطقة التي تكون فيها، كما لو ان المُجتمع الذي نعيشه قد تم تسجيله بحسب (الجندر) لا الكفاءة، لذا يقتصر الأمر عامةً على تسميته مُجتمعا ذكوريا تبعا لتسيّد العادات والاعراف الذكورية التي تحطّ وتقلّل من عزيمة المرأة فيه، كما أن الوضع السياسي العراقي لا يبتعد كثيرا عن الوضع المجتمعي، فعادة ما يعاني المجتمع العراقي نقصا في عدد النساء في المناصب القيادية السياسية للعمل فيها كنماذج لها أدوار يُشاد ويُحتذى بها، فضلا عن هجمات ومضايقات تنتشر بين فينةٍ وأخرى على (الإنترنت) ضد النساء المشاركات في العملية السياسية، سواء عند الترشيح أو التصويت أو التصدّي للمسؤولية بعد الانتخابات، ذلكَ أن وجود امرأة مرشحة يمثّل تهديدًا للذكورية المجتمعية بوصفها {غير مؤهلة}، لخوض غمار العمل السياسي بالنسبة لبعض القوى السياسية المتنفذة، سواء كانت هذه النظرة مبنية على أسس ومفاهيم دينية أو عشائرية حتى دورة عام 2018 البرلمانية، إذ فازت 86 امرأة بمقاعد من أصل 329 مقعدا، أي أن 25 بالمئة من مجموع الأعضاء هنّ من النساء وهو ما يفرضه نظام الكوتا وفقا للدستور العراقي.
 غير أنَّ انتخابات هذا العام قد قلبت طاولة المعايير السياسية، واختلفت فيها النظرة العامة لدور المرأة إذ حققت حضورا سياسيا ومجتمعيا قويا، فقد فازت المرأة العراقية بـ 97 مقعدا من أصل 329 أي (29.4 %) في مجلس النواب العراقي المنتخب مؤخراً وهي أعلى نسبة تحققها المرأة العراقية في تاريخها السياسي البطولي، كما انها تُعد النسبة الاعلى عربيا وفي بلدان ذات ديمقراطيات حديثة العهد كالعراق، ويمثل هذا العدد زيادة لأربعة عشر مقعدا برلمانيا عن الكوتا المخصصة للنساء بموجب الدستور وقانون الانتخابات، بينما حققت 57 نائبة جديدة الفوز بقوتها التصويتية من دون الحاجة إلى 
الكوتا. 
ومن هنا ترتفع الدعوات لمنح المرأة العراقية ثقةً أكبر وأن يصدح صوتها في البرلمان القادم نصرة لحقوق النسوة اللائي ضاعت أحلامهن في مهب ريح الاعراف الذكورية. وان تتكاتف ايديهن بعيدا عن الكُتل ومسمياتها من أجل النهوض بواقع المرأة العراقية.