نموذج رون هاييلر

آراء 2021/10/31
...

 حسين الذكر
 
الايمان: {هو القوة الوحيدة التي لا تقهر وتعد اساسا للتطور الحضاري.. فضلا عن كونه السبيل الروحي للارتقاء نحو الافضل}. 
يعد مفهوم الايمان.. من بين اهم مخرجات الاسلام كطفرة حضارية وثورة اجتماعية قدمت للأمم على طبق من ذهب، تحت عنوان السهل الممتنع.. بعد أن أدارت له أغلب شعوب وحكومات الامة العربية ظهرها. 
بما يمكن ان نسميه فن الاعلام وعبقرية التحرير وهدفية المؤسسة لكسر الروتين وابتغاء وجه الله وخدمة المجتمع.. فوجئ قراء «الواشنطن بوست» تلك الصحيفة المتربعة على رأس العالم الصحفي وقد نشرت على طول صفحتها الاولى صورة وخبرا عن {رون هاييلر} .. مواطن أميركي متواضع لم يكن من الساسة ولا رجالات الفكر او من مشاهير الفن والادب والاعلام والرياضة. 
انه عامل نظافة بعد 32 عاما خدمة في مدرسة ابتدائية اعلن نيته التقاعد.. فاقترحت ادارة المدرسة اطلاق اسمه على مدرستهم تكريما واجلالا لخدماته.. فأحدث ذلك ضجة اجتماعية هزت كيان الامة والمجتمع ودفعت بها نحو الافضل قيميا. 
أميركا يمنحون موظف الخدمة راتبا مجزيا يتصاعد مع سنوات الخدمة، بينما اليابانيون ينادونه بعنوان مهندس الصحة والنظافة.. في اوروبا يمنح مزايا دعم مادي ومعنوي في قطاع حيوي، يعدونه من شروط حماية الامن القومي.. اذ لا يقبل العاملون بهذه المهنة اعتباطا، بل هناك دورات واختبارات ومعايير للمتقدم تعد اساسية لا يمكن تجاوزها أبدا.
في العالم العربي أهم المدن التاريخية تعاني الاهمال الخدمي، اذ يعتري منظرها العام فوضوية الازبال والانقاض بشكل عشوائي، فالمهنة لا تؤدي دورها المطلوب بشكل حضاري، فضلا عن كونهم يطلقون عناوين تحمل تجنيا واضحا على العاملين ولا تحقق لهم أدنى الاحترام والحماية من النظرة الدونية اللاصقة.
ساقتني الصدفة امام احدى ساحات العاصمة وقد شاهدت عددا كبيرا من عمال النظافة متكدسين في مكان واحد: {بعضهم يمزح واخر يتنابز بينما الاكثرية يتمددون تحت الظل وبعضهم {يتفيسك} وآخرون يتعاركون تقاعسا عن اداء الواجب مع اطلاق السباب والعبارات البذيئة المخدشة للحياء والذوق العام.. وبعد قتلهم للوقت غادروا دون تنظيف المكان.. فسألت صاحب محل قريب منهم، فقال: {يا استاذ لم تر شيئا بعد.. أن هذا السيناريو يتكرر كل يوم.. فالعلة ليست بهؤلاء الأميين البسطاء الذين لا يهمهم سوى قبض الاجر، العلة مؤسساتية عليا!}.