ياسرالمتولي
لفت انتباهي الى حديث متلفز لوزير الزراعة العراقي الحالي على هامش نهاية عهد وزارته، حين تحدث عن الامن الغذائي بصراحة غير معهودة من اي وزير زراعة سابق .
إن تحذيره لخلل محتمل لواقع الامن الغذائي في العراق، انما استند الى توقعات التقارير الدولية عن حالة الجفاف وشح المياه الذي سيضرب دول العالم دون استثناء جراء التغيرات المناخية. ما يستدعي حلولاً منطقية في وضع كالذي يمر به العراق من الجفاف، الذي دفع بوزارة الموارد المائية الى اعلان عجزها عن توفير الحصص المائية للموسم الزراعي الجاري، اي بمعنى استبعاد نصف المساحات التي تزرع سنوياً وفق الخطة السنوية لوزارة الزراعة ولك أن تتصور حجم المشكلة، والتي تؤيد ما جاء بتحذير الوزير عن الخطر الذي يهدد الامن الغذائي اي شطب جزء كبير من الحاجة الفعلية لضمان تحقيق الامن الغدائي.
والأمر الآخر الذي يزيد الطين بلة ولا يقل خطراً من تأثير شطب نصف المساحات المخصصة للموسم الشتوي على الامن الغذائي، ما سيخلفه هذا القرار من تاثير في حجم العمالة في القطاع الزراعي بفقدانهم فرص العمل، ما سيدفع بهم الى الهجرة من الريف الى المدينة، بحثاً عن عمل بديل. وان الكارثة في هذه النتيجة هو زيادة عدد العاطلين اصلا عدا الحاجة لتوفير الغذاء لهؤلاء، الذين كانوا مكتفين ذاتياً من خلال عملهم في مزارعهم .
معنى ذلك ستضطر الوزارة الى اعادة فتح الاستيراد لبعض المنتجات الزراعية، وبذلك سنفقد الحماية للمنتج المحلي ملزمين.
هذه النتائج من المنظور الاقتصادي والذي يستند الى الاثار المركبة لشح الموارد المائية، تؤكد ضرورة ايلاء القطاع الزراعي اهتماماً استثنائياً في كل الاحوال والظروف.
ففي الوقت الذي دعونا في مقالنا السابق والذي حمل عنوان {جدوى الاقتصاد الزراعي} الى ضرورة ايلاء القطاع الزراعي الاهتمام بما يسهم بتوليد الدخل وتنويع موارد الموازنة وتخفيف زخم اعتمادنا على الريع النفطي، تأتي دعوتنا اليوم لتأكيد هذا الاهتمام لتأمين الغذاء في شح المياه والجفاف المتوقع.
كيف نخفف من الاثار الموجعة لقرار شطب نصف المساحات من الخطة الزراعية؟
هنا لا بد من العودة الى استخدام تقنيات الري الحديث {الري بالرش والتنقيط} لتقنيين استخدام المياه والمحافظة على التربة ايضا، وان استخدام التقنيات سيساعد الوزارة من زيادة الرقعة الزراعية، اي اضافة مايوازي ربع المساحة المشطبة الى الخطة وبذلك نخفف من الاثار المزدوجة والمركبة لشح المياه.
إنَّ مهمة تحقيق الامن الغذائي صعبة للغاية في ضوء هذه المتغيرات من اجل ذلك يتعين على الدولة اختيار الكفاءات العلمية المتخصصة لادارة القطاع الزراعي.
كما يتعين على وزارة الموارالمائية العمل على تنفيذ مشاريع متطورة وتهياة متطلبات تأمين الحصص المائية والسيطرة على التجاوزات على الحصص المائية وهدرالمياه.
من اجل ذلك نجد هناك حاجة لدمج وزارتي الزراعة والمواردالمائية بوزارة واحدة تحمل عنوان وزارة الامن الغذائي وتحدد مهامها بالهدف الاهم لضمان ابعاد العراق من شبح المجاعة لا سمح الله.