حبل إنقاذ

آراء 2021/11/02
...

  عدوية الهلالي
في الوقت الحاضر، يسمح العمل للجميع ببناء أنفسهم في مجتمعنا، فهو يساعد على التطور وهو وسيلة لكسب العيش، إنه يخلق روابط اجتماعية ويأخذ مكانا مهما في حياتنا اليومية، ولكن بعد ذلك ما الذي يجلبه لنا حقا؟ هل من الضروري اليوم أن يكون لدينا وظيفة لكي نشعر بوجودنا في مجتمعنا أم على العكس من ذلك؟.
 
العمل هو وسيلة لتلبية احتياجاتنا وأن نكون قادرين على العثور على سكن وطعام ورعاية صحية والاستمتاع من وقت لآخر، إنها أيضًا طريقة لعدم الشعور بالعزلة في مجتمعنا المزدحم؟، بل ان العمل يعزز الاندماج في مجتمعنا ويجلب لنا دخلاً نقديًا منتظمًا يتيح لنا أن نكون قادرين على بناء حياتنا وتطويرها.
إن توجهنا التعليمي أو حتى مهنتنا بشكل عام هو مصدر كبير للتحفيز لقيادة عملنا المستقبلي، فهو يخلق هويتنا، ويعطي معنى لحياتنا، ونشعر بواسطته بالإنتاج والفائدة. كما يسمح العمل بالاعتراف بنا، سواء أكان شخصيًا أم مهنيًا، وهو بالفعل مكافأة لنا جميعا؛ والأهم من ذلك، أنه يمكن أن يمهد الطريق للتطوير الوظيفي والاستقرار المادي.
ولكن، هل يمكن في ظل الوضع السياسي والاقتصادي غير المستقر أن يحصل الجميع على وظائف وان يحظى جميع خريجي الجامعات بفرص عمل حكومية بالنظر لتزايد اعدادهم بشكل كبير سنويا؟، لا يمكن تحقيق ذلك بالتأكيد ولن تنجح اية حكومة تتسلم السلطة ومهما كانت حريصة في تخفيف حدة البطالة إلا اذا وضعت نصب عينيها اعادة الروح للمشاريع الانتاجية المحلية بإعادة تشغيل المعامل والمصانع والشركات الحكومية المعطلة، فضلا عن فتح باب الاستثمار على مصراعيه لتوفير فرص عمل لمختلف الاختصاصات ولمختلف الخريجين والحرفيين.
نحتاج إذاً في المرحلة المقبلة لخلق قطاع خاص منظم بفرص واعدة للشباب لتنظيم العمالة والاقتصاد بهدف معالجة مشكلة البطالة عن طريق اقامة المشاريع المتوسطة، وتنظيم الحرفيين، وتطوير وتأهيل القطاع الخاص ضمن المناطق التنموية، وتنشيط المجتمع بالعمل الجماعي وتطوير قدرات العاملين فيه، فضلا عن دعم المنتج المحلي لحمايته من منافسة المستورد وتفعيل الصناعة الوطنية، عبر فرض رسوم جمركية للمادة المستوردة من أجل حماية الصناعة المحلية ومنع خروج العملة الصعبة الى الخارج، ذلك ان هذه المشاريع ربما تكون حبل انقاذ للشباب من اليأس الناشئ من الفشل المتراكم منذ ما يقرب من عقدين، وللحكومة المقبلة التي لا بد أنها ستواجه سخطا عارما ربما يقود الى خراب أوسع إن لم تكن هنالك إجراءات سريعة وعملية.