تشرشل واللغة الكردية

آراء 2021/11/02
...

   عبدالكريم يحيى الزيباري
 
يكاد يتفق الكرد مع غيرهم، حول الطبيعة العاطفية الانفعالية العصبيَّة، وتكاد تخلو مِنْ المرونة، ولهذا العقل العاطفي الانفعالي، أبعاد سياسية اجتماعية ثقافية، قديمة وما زالت. 
الكرد يكرهون اتفاقية سايكس بيكو، لعدم اعترافها بأية حقوق للكرد! وتثبت مراسلات (تشرشل مع كوكس/1921) أنَّ الأول لم يحمل تعاطفاً، لا مع القضية الكردية ولا مع اللغة الكردية! لكنَّ القاص أنور محمد طاهر، فاجأنا وقرأ عصر الخميس 29/10/2021، من مذكرات موسى عنتر، أنَّ تشرشل قام بتوبيخ عصمت إينونو- ثاني رؤساء تركيا 1938- 1950 ورئيس وزراء لثلاث مرات- مدافعاً عن اللغة الكردية، ونوَّهَ إلى أصلِ عصمت التركي/ ص204.  ربما كان التوبيخ كرهاً بتركيا، لا حُبَّاً بالكرد ولا اللغة الكردية! وفي بدء مداخلتي صدمني القاص، بأنني لا أعرف اللغة الكردية! فتعرضَّت أفكاري للوأد ولجأت لصمتٍ طويل!
لماذا تجاهل الإنكليز حقوق الشعب الكردي؟ لأنَّها قضية خاسرة؟ أجمعَ المستشرقون على عمق التناحر الداخلي بين العشائر الكردية، وإخلاصهم ووفائهم العنيد لبقايا الإمبراطورية العثمانية، ويروي لنا التاريخ فشل الكثير من الثورات الكردية، بسبب التناحر الداخلي واستمالة قوى إقليمية لبعض قيادات الثورة ضد بعض، فالعشائر في ما بينها تعيش نزاعات تصل أعمارها إلى مئات السنين، والنِّزاع الطويل لا يعني شيئاً إلا أنَّ طرفي النِّزاع على خطأ. 
العلامة محمود بايزيدي المولود في بايزيد 1797، أجادَ العربية والكردية والفارسية والأرمنية، وبعلمهِ بلغَ مكانةً اضطرَّت السلطة العثمانية أنْ تلجأ إليه لعقد مباحثات مع الثائر بدرخان بك 1848، بوفادة - والي وان- مشير باشا، وأرسله والي أرضروم لإخماد ثورة كردية ثانية قام بها نور الله بك في ولاية هكاري.  وحين عيَّنت روسيا أوغست جابا قنصلاً جديداً في ارضروم، وكلفته بجمع التراث الكردي، استعان بمحمود البايزيدي الذي ترجم له عددا من الكتب والرسائل منها الشرفنامة وكتب (رسالة في عادات الأكراد وتقاليدهم/ 1857) وصدرت عن هيأة أبو ظبي للثقافة والتراث 2010.  يقول بايزيدي (الأكراد شديدو الطاعة لحكامهم وسادتهم وأمرائهم، حتى لو كان حاكمهم مسيحيا فإنَّهم يطيعونه، لكنهم يحسدون بني جلدتهم إنْ تبوؤا مركز السيادة فلا ينزلون على حكمِ أحدٍ منهم ولا يطيعونه، بل يسعون قطعاً إلى تدبير فتنة وإثارتها/ ص63).  وفي كتاب شرفنامة البدليسي، إذْ يأمر السلطان العثماني صاحبه ملا إدريس البدليسي بتعيين حاكمٍ من بين الأكراد لتنصيبهِ أمير أمراء في ولاية ديار بكر يقول البدليسي للسلطان: إنَّ الأكراد لا يأتمرون بأوامر حاكم من بني جلدتهم! فاتَّخذْ حاكماً أجنبيَّاً عنهم).  هذه العيوب ما زالت سببا للتناحر الداخلي الكردي، لأنَّها بكلِّ بساطة عيوبٌ غير معترفٍ بها، مسكوتٌ عنها!