احذروا مما يُحاك لكم

آراء 2021/11/06
...

 محمد شريف أبو ميسم 
 
من الذكاء والحكمة أن نعترف بحقيقة توغل الارادات الأجنبية في شأننا الداخلي، فما عادت التورية ازاء الحقيقة مجدية فيما تتعرض البلاد لمنزلقات تتكرر منذ سنوات، وها نحن ازاء منعطف جديد قد يحمل الكثير من المكائد لهذا الشعب خلال الأيام المقبلة وتحديدا بعد اعلان نتائج العد والفرز اليدوي، وما سيترتب عليه من تداعيات في سياق توظيف الازمات لصالح الارادات الخارجية. 
اذ ما عاد الأمر خافيا على أحد بشأن قدرة هذه الارادات على صناعة الأزمات والأحداث وتوظيف نقاط ضعفنا لصالحها في سياق التدخل بشؤوننا الداخلية، فضلا عن قدرتها على خلق الفتن والنزاعات بيننا متى  شاءت ذلك، وفقا لضرورات التكتيك في خططها الستراتيجية.
ومن هنا فان من موجبات المعالجة ونحن بصدد مواجهة اشكالية التدخل في شؤوننا، تحديد نقاط القوة والضعف في أدوات هذه المواجهة وسياقاتها، حيال نقاط القوة والضعف في أدوات وستراتيجيات تلك الارادات المتصارعة على أرضنا، وفي العادة يكون الاعتراف بالمشكلة وتحديد نقاط القوة والضعف حيالها واستحضار خلفيات وجودها وحاضرها، مفاتيح لفك العقد المستعصية ازاء أية اشكالية أو أزمة، في الوقت الذي لا تنكر فيه قوة تلك الارادات وعدم تجاهل نفوذها - بوصفها أمرا واقعا- بناء على أدوارها ومواقفها حيال سلسلة الأحداث التي عشناها، بينما يتوجب أيضا تحديد النقاط المشتركة مع تلك الارادات في اطار المصالح المشتركة.  
وقد نختلف بشأن خطورة هذه الارادات تبعا لميولنا التي قد تتباين مع ميول بعضنا الآخر، وقد تتقاطع معها في أكثر من نقطة سياسية وعقائدية وربما «ثأرية: تبعا لمواقف كل منا من النظام السابق، ومصالح بعضنا التي تضررت أو مصالح بعضنا الآخر التي نضجت في سياق التغيير الذي جاء بفعل الاحتلال»، وقد ننحاز لهذا الجانب أو ذاك دعما لتصوراتنا بشأن شكل الدولة التي نريد، ولكننا نحتاج الى أن نتفق على اننا لا نملك حلا ازاء هذه الارادات سوى أن نستحضر حقيقة ان المصالح الدولية غير معنية بأوجاعنا، وان صراعاتنا تصب في مصلحة تلك الارادات، بينما نكون جميعا خاسرين.
والحديث عن وحدة الصف في وضعنا الحالي المكتظ بالخلافات تحت مظلة تلك الارادات قد يكون ضربا من ثريد الكلام، ولكن الحذر من سيناريوهات محتملة ليس أسوأها جر الأحزاب الفائزة للحرب مع الأحزاب الخاسرة، بات أمرا واجبا لحماية البلاد والعباد من خبث تلك الارادات، اذ ليس من الصعب عليها أن تمارس عمليات إجرامية ضد شخصيات سياسية من هذا الطرف أو ذاك، والصاق التهمة بالأحزاب الخاسرة لاشعال فتيل الفتنة واختصار الطريق في كثير من الملفات العالقة في مشروعها على أرض العراق.