ثامر الهيمص
بمناسبة اختتام معرض بابل الدولي الاول للصناعات الوطنية الذي اقامته وزارة الصناعة والمعادن، تحت شعار (صناعتنا عنوان عراقيتنا)، كانت هناك مفارقة مدهشة، انبثقت من داخل المعرض من مسؤول جناح شركة الفرات الاوسط لصناعة التمور والمواد الغذائية، حيث يشكو بمرارة من الروتين والفساد اللذين يقفان دون النهوض بالصناعات الوطنية، وكما حدث عندما انتجت شركتهم (بسكويت محشى) بالتمر لحساب التغذية المدرسية لكن للاسف، والكلام لمسؤول جناح الشركة، بتوجه وزارة التربية لاستيراد المنتج من اندونسيا.
لا شك ان هذا الفعل يتناقض مع توجهات الدولة ووزارة الصناعة بدعم الانتاج الوطني، وهذا النهج ليست التربية أول أو آخر الملتزمين به حرفيا، كما انه ليس مجرد صفقة، والا لقطعت دابرها قوانين حماية المنتج الوطني او حماية المستهلك.
ان المسوغات التقليدية لمثل هذه الصفقات سواء في المنتج الصناعي او الزراعي او (الزراعي المصنع) او حتى المنتج الخام متهافتة. بحيث لا يقتنع بها الا مستفيد او وكيل للمصدرين، وهؤلاء عموما يمكن تلمس العذر لهم ولذلك يكون العتب والسؤال لصاحب الشأن الاعلى، الذي اصدر قانون حماية المنتج الوطني.
فعند الادعاء بسبب الجودة فاننا لانختلف على جودة المواصفة العراقية، التي ضعفت كونها لا تنسحب على المستورد، اما ذريعة فرق السعر وسببه الاساس وزارتا الكهرباء والنفط، فلا الكهرباء كافية ولا اسعارها تسهم بالجدوى الاقتصادية للمنتج، خصوصا لمولدات المعامل، رغم علمهم الاكيد ان حصيلة السياستين ستذهب دولارات خالصة للخارج كسعر للمستورد والباقي لمصارف البلدان المصدرة.
ولكي نعالج الامر فان خفض الدينار، يمكن عدّه سياسة وحيدة ممكنة عمليا لتهدئة اللعب مع المعنيين مباشرة بالاستيراد، كما ان هذه السياسة انسحبت متقاطعة مع دعواتنا للاستثمار وقوانينه المضادة للروتين والفساد، لاسيما ان نظائر استيراد البسكويت الاندونيسي يشل المعامل او يشطبها من جدول التصنيع العراقي لتتوسع وتتعمق البطالة بكل تجلياتها.
وبدينار نزلت قوته الشرائية لتعصر جيوب اكثر من
30 % من المواطنين.. اليس من المناسب، ونحن في فورة المدن الصناعية، ان تخصص اماكن مخدومة بالبنية التحتية للمطابع، على الاقل لتوفير كتاب عراقي مستقر منهجيا مواكبا، كون (الأون لاين) لا يشكل بديلا، بل سيبقى رافدا في المستقبل المنظور.
هذا غيض من فيض، فالنظام الضريبي متماهل من المنافذ الى اجازة الاستيراد، التي يجب ان تكون منسجمة مع القوانين الحامية للمنتج الوطني بشكل جدي وليس موسميا او اسقاط فرض، اذ علينا ان نحمي صناعتنا اولا واخيرا لننسجم مع شعارات وزارة الصناعة ومعرض بابل الدولي الاول، ورمزيتها (صناعتنا عنوان عراقيتنا).