نحو صناعة المعجزات

آراء 2021/11/13
...

 د. نازك بدير*
 
على وقْع ما يجري في الدّاخل الّلبناني، جرّاء الارتدادات النّاجمة عن التّوتّر الحاصل على خلفيّة رأي وزير الإعلام جورج قرداحي حول الحرب في اليمن، ودخول الجامعة العربيّة على خطّ الوساطة لإيجاد حلّ للأزمة، مَن المستفيد من تأجيج حِدّة الصّراع بين لبنان والمملكة العربيّة السعوديّة؟ وكيف يتلقّى المواطنون الخطاب المتشنّج؟
ثمّة اختلاف كبير بين أن تكون مؤثّرا وفاعلًا، وبين أن تبقى مجرّد متلقٍ. أن تكون مشاركًا في صنع القرار، وعمليّة البناء والتّغيير، وبين أن تتقبّل ما يُملى عليك. أن تكون صانع الحدث، أو أن يقع عليك الحدث. أن تصون أنت نفسك، أو أن «تحبو» حتى أرذل العمر لتستجدي مَن يدافع 
عنك.
في الوقت الذي تجهد فيه الدّول الغربيّة والشرقيّة، على حدّ سواء، لعقد تحالفات سياسيّة واقتصاديّة في ما بينها، بما يخدم مصالحها الستراتيجيّة، وتُسهِم في خفْض منسوب التّوتّر، تتدحرج على مستوى آخر الخلافات بين لبنان والمحيط العربي، مع ما لذلك من انعكاسات سلبيّة يمكن تلافيها، وتدارُك انبعاثاتها قبل الاشتعال.
يبدو أنّ الجهود تُبذَل، ليس لإحداث الشّرخ بين لبنان والدّول الشّقيقة فحسب، إنّما ما يحصل في الواقع هو محاولة تفخيخ الانقسامات الداخليّة، واستغلال المناسبات، أيًّا تكن، في سبيل زيادة الاصطفافات، وتظهيرها بصور شتّى، ما يرسّخ، في لا وعي الجيل الحالي والقادم، أن لا قيامة لهذا البلد، ولا إمكانية لوحدته، وسيبقى، كما كان «منذ الأزل»، يتصارع فيه قابيل وهابيل، تحت اسم المحور، والطّائفة، والزّعيم، باستثناء الوطن.
مسعى جامعة الدّول العربيّة على طريق الحلّ أمر بدهيّ. وقد يكون من غير المنطقي أنّها بقيت غائبة عن المشهد، ولم تبادر مباشرة إلى التّدخّل، لا سيّما أنّ الأمور أخذَتْ منحى تصعيديًّا منذ البداية. تاريخ العلاقة الوطيدة والأخويّة الذي يجمع لبنان مع المملكة العربيّة السعوديّة يستحقّ من قِبل الجامعة العربيّة أن تبذل الجهود كي تذلّل الصّعوبات العالقة، وتجترح «المعجزة». 
ثمّة إرث مشترك من الثّقافة، والتّراث، والحضارة، والفكر، لا يمكن حصره، بل لا بدّ من التّطلّع إلى تطويره، والعمل على المزيد من الانصهار والمشاركة، للوصول إلى {رؤية» جامعة. 
 
أستاذة باحثة جامعيّة