الاعتراف بالخطأ

آراء 2021/11/14
...

 د. ماجد فاضل الزبون 
عشر سنوات كاملة بين تشرين الثاني الحالي وتشرين الثاني عام 2011 حين قررت الجامعة العربية تعليق عضوية سوريا بقرار غير قانوني، لأن هكذا قرار وعلى وفق نظامها الداخلي يتطلب الإجماع وهذا لم يحدث، إذ اعترضت حينه ثلاث دول هي سورية ولبنان واليمن، بينما امتنع العراق عن التصويت، وعلى ما يبدو أن الدول الـ «18» التي صوتت لصالح القرار كانت تراهن على سرعة سقوط النظام السوري، وبالتالي تكون عودة دمشق تلقائية الى الجامعة، لكن حساباتهم كانت خاطئة.
عقد من السنين العجاف دفع السوريون خلاله أكثر من أربعمئة الف قتيل وقرابة خمسة ملايين مهاجر خارج البلاد وستة ملايين نازح في الداخل معظمهم يعانون من الفقر والمرض، أما الخسائر المادية فبلغت نحو «442» مليار دولار وفق تقديرات اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا قبل سنتين، والله أعلم كم بلغت خسائر اقتصاديات الدول «المراهنة» التي وقفت مع المعارضة وضد حكومة دمشق؟.
الربيع العربي المدعوم «عربيا» كان ولا يزال ساخنا.. دمر شعوبا ودولا وأبقى حرائق طائفية ومناطقية مستعرة أنستنا القدس وفلسطين، وامتدت اقليميا على بيئة تشهد تحولات غاية في الخطورة، في مقدمتها الأضرار الجسيمة التي ستلحق مستقبلا بالمنظومة العربية في ظل الضغوط الأميركية للاعتراف بالكيان الاسرائيلي وتمرير اتفاقيات ابراهام واندفاع البعض نحو التطبيع دون أي حسابات ولا دراية بعواقب الأمور.
ومع هذا كله فالأزمات تتناسل ولم تحل، وأزمات جديدة تظهر كأزمة الجزائر مع المغرب وأزمة دول الخليج العربي مع لبنان التي وصلت حد القطيعة، لتغط بيروت في الظلام وهي التي نورت أفكارنا بجديد الثقافة والفن، وأقول من كل قلبي «سلاما لبيروت، وقبلا للبحر والبيوت».
للأسف الحكمة غابت ولم يتعظ أحد من الدروس، فالحرب حتى مع الشقيق عند البعض لا تزال مغنمة ونزهة كأي رهان على سباق، فهي عنوان للفروسية وإن كانت على دبابة، والموت وإن لم يكن بالسيف فهو دلالة على البطولة!.
إن مراجعة سريعة للواقع تتطلب اليوم وقفة بعيدة عن حسابات الربح والخسارة في الميدان السياسي بل وحتى الاقتصادي، فقد خسرنا الكثير في العراق ومصر وسوريا ولبنان والسودان وليبيا وتونس، وخسائر مستمرة لحرب مروعة في اليمن لا تقل فداحتها عما حدث ويحدث في سوريا، هذه الوقفة تتطلب اتخاذ قرارات شجاعة لوقف الحروب والصراعات والبدء بحوار عربي- عربي جاد لحل المشكلات والحفاظ على ما تبقى، وإلاّ فالطريق الى الانحدار سالك وبالانتظار.
 حسنا فعل الشيخ عبد الله بن زايد وزير خارجية دولة الامارات بزيارته الى دمشق، ولا نريد أن نقول «ماعدا مما بدا» فتصحيح الخطأ فضيلة، وزيارة سوريا وعودتها الى الجامعة العربية ليست مكافأة من أحد، بل هو استحقاق تاريخي وطبيعي حققته سوريا شعبا وجيشا وقيادة، ونأمل أن يكون الدرس الأخير هو اليمن هذا الجرح الذي تأخر علاجه طويلا.. فهل من حكيم؟!.