قوة الطلب في سوق العقارات

اقتصادية 2021/11/14
...

محمد شريف أبو ميسم
 
من المعروف ان أبرز العوامل التي تتحكم بقوة الطلب في سوق العقارات، هي زيادة عدد السكان قياسا بالوحدات السكنية المتاحة، وارتفاع القدرة الشرائية والنمو الاقتصادي.
وعادة ما يكون المعروض في السوق العقارية ثابتا لفترات زمنية طويلة قياسا بالاسواق الاخرى، اذ لا تتعرض الوحدات السكنية أو التجارية للشح أو التلف، كما تتعرض السلع الغذائية خلال مراحل الخزن أو النقل أو التصنيع، أو كما تتعرض المنتجات التحويلية والسلع الكهربائية للاندثارات والاستهلاك والعطلات خلال مراحل الخزن والتسويق، أو مراحل الاستخدام.
وعلى هذا فان الانتقال بأسعار بيع أو ايجارات العقارات صعودا لا يأتي الا بزيادة الطلب الناجم عن العوامل التي أشرنا اليها وعبر فترات زمنية طويلة، اذ غالبا ما تخضع العوامل المؤثرة لا نتقالات بطيئة، وهذا ما ظهر جليا خلال السنوات الثماني عشرة الماضية، اذ تزايد عدد السكان وارتفعت القدرة الشرائية للطبقة الوسطى، ولكن التوسع في استحداث وحدات سكنية جديدة لم يكن يتناسب مع الزيادة السكانية في سياق اتساع مساحات المدن. 
وهنا لا يثير الارتفاع المفاجئ والمفرط بأسعار العقارات في العاصمة بغداد تحديدا، الدهشة وحسب، وانما يثير العديد من الأسئلة، بعد أن وصل سعر المتر الواحد في بعض مناطق بغداد الى خمسة آلاف دولار (كما في الجادرية، والمحيط في منطقة الكاظمية على شاطئ دجلة)، ونحو ثلاثة آلاف دولار للمتر المربع الواحد في منطقة القادسية واليرموك والمنصور والحارثية.
وهذا الارتفاع الهائل في الاسعار يعطي فكرة واضحة عن حركة تنبئ باقبال غير مسبوق من قبل رساميل ترى ما لا يراه الآخرون على المدى البعيد، نعم قد يكون للمضاربين في سوق العقارات شأن في حركة السوق التصاعدية هذه، ولكن التأثير الذي تصنعه المضاربات لا يتعدى سياقات حركة السوق الحالية التي تحددها العوامل التي أشرنا اليها، اذ ان تزايد أعداد السكان يشكل عنصرا ضاغطا على شراء وايجار البيوتات الصغيرة، وارتفاع القدرة الشرائية، عادة ما ينعكس على امكانيات الشراء للطبقة الوسطى، وليس له صلة بهذه الأسعار، وليس هنالك ما يشير لملامح نمو اقتصادي يسهم في زيادة الطلب على عقارات كهذه.
وهنا لا يتبقى لنا سوى محاولة النظر في المستقبل واستشراف الدلالات لمعرفة سبب هذه الارتفاعات، والتي من بينها عودة الرساميل المحلية المهاجرة بعناوين مختلفة، وتدفق بعض الرساميل الأجنبية في هذه السوق بناء على قراءتها لمعطيات تنبئ بحدوث متغير ايجابي في مشهد الاقتصاد الكلي.