شغف العلاقات العاطفيَّة في روايات ما بعد الحداثة

ثقافة 2021/11/15
...

  ضحى عبدالرؤوف المل
يختلف المؤلفون في أساليبهم الروائية عند الكتابة عن شغف العلاقات العاطفية في الروايات الرومانسية، لأن هذا النوع الأدبي مر بمراحل زمنية عدة، لكل منها خاصية مختلفة بعد الحرب العالمية الثانية، والتغيرات التي فرضتها المرأة في سعيها نحو تحريرها من قيود الزواج الكلاسيكي او زواج البلاط والنبلاء. 
ليتطور الشعور العاطفي بالحب في الكثير من الروايات التي عالجت مواضيع شغف العلاقات العاطفية بأسلوب حديث بعيدا عن الحب البطولي مثل قصة روميو وجوليت. فكيف تغيرت تطورات الحب في الادب الروائي؟، وما نظرة القرون الاولى للحب في الادب، ونظرة الحب في القرن الحادي والعشرين؟. دخلت روايات القرن الحادي والعشرين مرحلة جديدة في تجسيدها للحب أولا، ومن ثم لتحرر المرأة غير المحسوب منذ زمن تاريخي لفت اليه الكاتب "نزار عبد الستار" في روايته "ترتر" التي خاضت في جاسوسية كبرى. لتكون مثلا أعلى للنساء في الموصل اللواتي اكتشفن قوة المرأة في إثبات وجودها، كما في روايته ايضا "الاميركان في بيتي" من خلال مناسك المرأة المتوازنة والمتصالحة مع نفسها بسرد جعلها تتوازى مع بطل الرواية المؤمن بحقوق المرأة، وبجمالية مخاطبته لها "كانت تعرف كيف ترضي نزعتي الكلاس، وتدرك أنني أقدر لها تضحياتها في ان تكون مختلفة تماما عن كل نساء الموصل، تجتهد في ان تكون لينة مثل أخيلتي ومستعدة في كل لحظة للإيمان بما أفكر". فهل العواطف في الروايات الادبية تشهد على قوة المؤلف في تحرير المرأة من خلال تمثيل مشاعرها وايقاظ عواطفها كما ايضاً في رواية "نزار عبد الستار" كرز حمانا؟.
شغف العلاقات العاطفية في الأدب الروائي أخذت بعدها العميق في الجانب التحليلي والسيكولوجي. فهو ليس أدباً للإثارة. ولا أدب تطبيعي ولا كشف موضوعي عن واقع زج الكاتب المرأة فيه، ولكنه أدب تحليلي يكشف عن الدوافع النفسية للمرأة والرجل على نحو متحرر. 
من الممكن أن تكون روايات "علوية صبح" قد اصابت الحب والرومانسية بتحرر جعل من المرأة قادرة ان تحيا الحياة بواقعية كبرى مع الرجل بعيداً عن نظرة المجتمع، وضمن قصص قوية في مراميها الاجتماعية، من دون ان تنتزع من الحب مقوماته. بل حررته من آفات العصور السابقة، كما فعل ذلك ايضا السيناريست صباح عطوان في روايته "شبح الرغبة" وروايته "تنومة" متخطيا بذلك الخطوط الحمراء لروايات العصر الفيكتوري حيث السعادة والحب في زواج تقليدي بالاعتماد على احترام الزواج كمؤسسة أسريَّة ذات وظيفة اجتماعية عالجتها "جين أوستن" ومنحتها للأدب الروائي، لتكوين علاقات رومانسية في عصر سابق شهدنا فيه على الكثير من الكتابات مثل كتابات "تورجنيف" في ثلاث قصص عن الحب من دون أن يتعثر كاتب القرن الحادي عشر في تجسيد شغف الحب في رواياته المتحررة من الرومانسية المقيدة، لتوجيه نساء القرن الحادي والعشرين من دون تساؤلات عن دورها في قيادة حب ما بعد الحداثة الذي خرج من قمقم العصر الفيكتوري، ومنح الرواية الرومانسية عاطفة ترتبط بالحياة من دون الافراط في تقييد المشاعر، للحفاظ على الشرف او على افلاطونية المثل الاعلى التي تقيدت بها نساء البلاط حيث النبلاء ورجال الدين والتشديد على الحب بعد الزواج. 
فهل المرأة في رواية الروائي "امير تاج السر" 366 كانت مساوية للرجل وكسرت القيد؟، وهل انتهى الحب الافلاطوني في روايات ما بعد الحداثة؟، وهل تغيرات الحب في الروايات الحديثة ترتبط بالمجتمع الذي يجد نفسه فيه الروائي؟، وماذا عن الحب في روايات "جين أوستن "و"شارلوت برونتي" الذي لم يعد موجودًا كما من قبل، ولم يعد في هذا الزمن الذي اختلف فيه تعريف الرومانسية او شغف الحب في عصر ما بعد الحداثة. فهل يخفف هذا من خيبات الامل لعشاق الرومانسية في الادب؟، أم أن عصر ما بعد الحداثة كسر الرومانسية وترك المرأة تواجه تحررها وتتفوق على الرجل بعلاقاتها الشغوفة بالحب؟، وهل سنشهد على موت الرومانسية في روايات ما بعد الحداثة بعد أن خرجت المرأة في رواية ما بعد الحداثة من قمقم النبلاء ونساء البلاط؟.