أكدت النظم الاقتصادية المنفذة والمدارس الاقتصادية أن هناك تحولات مهمة تخص عمل الحكومة والقطاع الخاص في الحياة الاقتصادية التي وصلت الى إجماع على أن القطاع الخاص يعني ذلك الجزء من الاقتصاد الذي يملكه ويديره أصحاب المشاريع الخاصة وليست الدوائر الحكومية.
إذ عانى القطاع الخاص من إهمال مستمر بعد عام 2003 نتيجة توقف المشاريع الصناعية والزراعية الخاصة، بسبب ارتفاع تكاليف الانتاج وانعدام الطلب المحلي على منتجاته بفعل إغراق السوق العراقية بالسلع المستوردة الرديئة، الامر الذي ذهب برأس المال الوطني الى أسواق مختلفة حول العالم.
وفي عام 2006 صدر قانون الاستثمار رقم (13) الذي يسعى الى تشجيع الاستثمارات من قبل القطاع الخاص ونقل التقنيات الحديثة للاسهام في عملية التنمية الاقتصادية وتطويره وتوسيع قاعدته الانتاجية والخدمية، إلا أنه واجه عقبات ومعضلات بسبب الاجراءات والقيود والتعقيد الذي واجه المشاريع الكبرى، مما قاد الى توقف القطاع الخاص، فضلاً عن عدم رغبة الموارد البشرية بالعمل ضمن مفاصل القطاع الخاص، بسبب عدم وجود ضمان لهم بعد إنهاء وظيفتهم؛ ولهذا نلحظ الجميع ينظر الى القطاع العام كونه الضمان للمستقبل، ما جعل الصورة المستقبلية للقطاع الخاص يشوبها الإهمال.
هذه الأسباب وسواها ذهبت بالمختصين الى وضع ستراتيجية تطوير القطاع الخاص للأعوام (2014 - 2030) ولم تنجح هذه الستراتيجية بنسبة كبيرة تمناها مجتمع الأعمال في البلاد. فالتوجه المقبل للحكومة يتطلب دراسة القطاع الخاص بشكل حقيقي وفعلي دراسة مفصلة بالاعتماد على الستراتيجية السابقة الذكر، ولجميع القطاعات الاقتصادية، فضلا عن دعمه من الجانب المادي، أي التمويلي والفني وفق التقنيات والوسائل الحديثة، ولا بد من تفعيل قانون الضمان الاجتماعي بالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، والتنسيق مع وزارة المالية ولا سيما دائرة المحاسبة في تنفيذ الاموال المخصصة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية دائرة الضمان الاجتماعي.
ويتطلب الامر تطبيق مبادئ الحوكمة في جميع شركات القطاع الخاص، وتعديل الرسوم والضرائب التي تفرض على القطاع الخاص، لا سيما الشركات المستوردة للمواد الغذائية، الى جانب تفعيل مصرفي الزراعي والصناعي ضمن القانون بوصفهما متخصصين بتنمية الزراعة والصناعة في العراق، وفي حال تم تطبيق هذه الرؤية بشكل فعلي وجدي سينقل القطاع الخاص بشكل كبير من المنطقة الظلامية الى المنطقة المضيئة.