محمد شريف أبو ميسم
بعد سنوات من العمل ببطاقات الدفع الالكتروني، أصبح موظفو الدولة هم الغالبية العظمى من جمهور المصارف الحكومية، بفعل العمل بنظام توطين الرواتب.
ولأن هذه الشريحة المجتمعية هي الأكثر تأثيرا في صنع الرأي العام بوصفها القوام الرئيس في التشكيلات المجتمعية الحالية، ابتداءً من الأسرة وانتهاء بالقبيلة، كان من المفروض أن تسعى الجهات ذات العلاقة الى كسب ثقة هذه الشريحة، وتوطيد أواصر التعامل الايجابي معها بهدف بناء الثقة، التي تعد ركيزة أساسية في عمل المصارف على صعيدي التوعية المصرفية وحماية الجمهور في عموم دول العالم.
إلّا أن بعض المصارف الحكومية، وهي تسعى جاهدة للارتقاء بخدماتها ومنافسة المصارف الأخرى، بهدف كسب المزيد من الجمهور، ما زالت تعمل (على البركة) في اتخاذ القرارات، في سياق سياسات تتحكم بها معطيات اللحظة وردود الأفعال والقرارات الارتجالية، وفي بعض الأحيان انتهاج اسلوب الترقيع في معالجة بعض الاختلالات.
الأمر الذي يخل بكثير من الالتزامات أمام الجمهور، ويسهم في زعزعة أواصر الثقة، من قبيل عرض تقديم بعض الخدمات المصرفية كالقروض التي تصل مبالغها الى 50 مليون دينار، والسلف المعاشية التي تتراوح بين 10 الى 20 مليون دينار، للذين يوطنون رواتبهم في تلك المصارف من دون رؤية تخطيطية لامكانيات تلك المصارف في رفع معدلات الائتمان وكفاية رأس المال، ما وضع بعض تلك المصارف في حرج كبير أمام الجمهور، اذ اضطرت اداراتها فيما بعد لاتخاذ قرارات لا تنسجم مع طبيعة العروض التي وعد بها الجمهور، من قبيل ايقاف منح القروض والسلف الى اشعار آخر، أو رفع نسبة الفائدة التي استخدمت لاستقطاب الجمهور بوصفها فائدة منخفضة على القروض والسلف، أو تعديل تغطية صافي راتب الزبون الراغب بالحصول على أي سلفة أو قرض الى أقل مما كان عليه، لتجنب عدم كفاية بعض رواتب الزبائن في حال أي استقطاع يطرأ على الراتب من قبل
دائرته.
هذه الاجراءات وسواها المتعلقة بخدمات البطاقة الألكترونية التي تتعرض للارباك في حلقات التنفيذ جراء الاندفاع أو سوء التخطيط أو التنفيذ، انعكست بشكل سلبي على تقييم الجمهور لمستوى الخدمات، ووضع تلك المصارف الحكومية في مقاربات مع بعض المصارف الأهلية التي تميزت في رقي خدماتها، لا بل ان بعضا من فئات الجمهور سعت لاستحداث مجاميع (كروبات) على مواقع التواصل الاجتماعي للتهجم على بعض تلك المصارف بسبب تدني مستوى الخدمات المقدمة وعدم الالتزام بالوعود والعروض التي وعدوا بها.
الأمر الذي يتطلب تدخلا سريعا من ادارات تلك المصارف لمعالجة نقاط الضعف وتعظيم نقاط القوى في تقديم مستوى الخدمات للجمهور للحؤول دون المزيد من التراجع في ساحة المنافسة
المصرفية.