الدّين الخارجي

اقتصادية 2021/12/06
...

 محمد شريف أبو ميسم
 
في أيلول 2020، صرح مصدر حكومي مسؤول، أن حجم الدين العام على البلاد بلغ نحو 133.3 مليار دولار، وفي آب الماضي عاد المصدر نفسه ليتحدث عن 50 مليار دولار ديون خارجية، «تزيد وتنقص حسب التسديد، باستثناء السندات البالغة تقريبا 3 مليارات دولار». وفي منتصف نيسان الماضي، ذكر مصدر حكومي آخر، أن مجموع الديون الداخليَّة والخارجيَّة يبلغ 113 مليار دولار، منها 40 مليار دولار ديون معلقة لصالح 8 دول منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. وديون خارجية تراكمت بسبب الحرب على عصابات داعش الارهابية، وأخرى بسبب مشاريع تنموية قدمتها صناديق عالمية بقيمة 23 مليار دولار واجبة الدفع، بينما صنفت الخمسين مليارا المتبقية بوصفها ديونا داخلية. والديون الداخلية تصنف على أنها ديونٌ محصورة في إطار النظام المالي الحكومي وليست لها صلة 
بالجمهور.
الأمر الذي أربك حسابات بعض المراقبين بشأن الدين الخارجي، وزاد الأمر إرباكا حين نقل موقع الجزيرة منتصف تشرين الثاني المنصرم عن المستشار المالي لرئيس الوزراء تحت عنوان بارز {ديّن العراق الخارجي انخفض إلى 20 مليار دولار} وهو أمر مفرح حقا، وزاد من حلاوته ما حمله الشطر الثاني من العنوان {أن العام 2022 سيكون خاليا من الضوائق المالية والقيود
 التمويليَّة}. 
وهنا يبدو الأمر بحاجة الى توضيح بالتزامن مع ما أعلنه صندوق النقد الدولي، الجمعة الماضية عبر مدونة لمديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا شاركتها فيها {جيلا بازار باشي أغلو}، مديرة إدارة الستراتيجيات والسياسات والمراجعة في صندوق النقد، أشارتا فيها الى أن {عام 2022 سيكون أكثر صعوبة على الدول المدينة، بينما يلوح في الأفق تشديد السياسات النقدية 
عالميا}. 
اذ يبدو أن إشارة المستشار المالي تتعلق بحجم الدّين، الذي سببته الحرب على داعش والمشاريع التنموية، التي قدمتها صناديق عالمية، وهو دّين ما بعد العام 2003 وليس لحجم الدين الخارجي الكلي، أما ما يتعلق بخلو العام 2022 من الضوائق المالية والقيود التمويلية، وهو أمرٌ مفرحٌ حقا أن يتعافى العراق اقتصاديا بفعل تنامي الطلب على النفط، وارتفاع حصيلة الانتاج بواقع 400 ألف برميل 
يوميا. 
فإن مضاربات السوق النفطية العالمية تدعونا للحذر قي التفاؤل القائم على الريع، في ظل التقلبات التي تشهدها الأسواق بناء على سيطرة الشركات العملاقة، التي تدير شؤون هذه السلعة وتحدد سعرها متى ما شاءت وكيفما أرادت، الأمر الذي يدعونا الى وضع الاجراءات الاستباقية لاستغلال الوفرة المتوقعة في إطار تنمية مستدامة للخروج من الضائقات المتوالية التي شهدتها البلاد، والا فإن الغرباك سيكون مدعاة لمزيد من 
الدين.