بغداد: هدى العزاوي
برغم إسهامهم بتعظيم موارد الدولة المالية عبر جبايتهم أجور الكهرباء في مهنتهم المرهقة، بالتجوال "سيراً على الأقدام" في عشرات الأزقة والأحياء ببغداد والمحافظات، جرت مكافأة "قرّاء المقاييس" بحرمانهم من النسبة القانونية "5 %" من مبالغ الجباية الشهرية باعتبارهم "بلا رواتب"، أو التثبيت على ملاك وزارة الكهرباء لنيل حقوق الراتب.
قرّاء المقاييس موظفون بلا رواتب وفق القرار 341 لسنة 2019، وعمدت الدولة بدلاً من الرواتب إلى إقرار منحهم نسبة 5 % من المبالغ التي تتم جبايتها لصالح وزارة الكهرباء، وذلك لم يحدث، بل إن الأخيرة أرسلت كتاباً قبل أربعة أشهر إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عدّتهم فيه موظفين تابعين لها ليجري قطع رواتب الرعاية التي يتقاضونها والتي هي في حقيقتها "لا تسمن ولا تغني من جوع" .
وتساءل العشرات من هذه الشريحة الذين تواصلوا مع "الصباح": هل سيندرج موضوعهم ضمن جدول أعمال مجلس الوزراء للتصويت عليه يوم الثلاثاء المقبل، لتحويل (قراء المقاييس) من القرار 341 الى القرار 315 أسوة بأقرانهم، بعد أن أكدت وزارة الكهرباء وجود التخصيصات المالية التي تغطي (ثمانية آلاف قارئ مقياس)؟.
ويقول أحد موظفي وزارة الكهرباء، رافضا ذكر اسمه، في حديث لـ"الصباح": إن "قرّاء المقاييس تم تعيينهم وفق قرعة نزيهة قامت بها وزارة الكهرباء، عندما جرى اقتراح تعظيم موارد وزارة الكهرباء بالجباية، لا سيما أن تعيينهم كان عام 2019، وكان هذا أحد مقترحات (ثوار تشرين) للتعيين، لكي لا يشكلوا عبئاً على الدولة؛ وكان هناك مقترح بأن يعينوا (بلا رواتب) ليكون بديلها استحصال نسبة 5 % من مبالغ الجباية، أي أن كل مليون دينار يجبونه يكون لهم منه 50 ألف دينار" .
واجه "قراء المقاييس" عقبات كبيرة، أولها زجهم في مناطق ليس فيها مقاييس، لا سيما المناطق الزراعية والمتجاوز عليها والمناطق البعيدة عن سطوة القانون وتنفيذه، (خصوصاً بمناطق شرق القناة في الرصافة)، لذا فإن جبي المبالغ كان ضئيلاً جداً، قد تصل النسبة فيه للقارئ 5 آلاف دينار شهرياً.
وبين الموظف في الوزارة أنه "على الرغم من تعيين هذه الشريحة في عام 2019، إلا أنهم دخلوا معترك العمل فعلياً قبل أربعة أشهر وذلك بسبب عدم استكمال الإجراءات من قبل الدوائر التابعة لوزارة الكهرباء كالكفالة والختم، كما أنه لم تُفعّل نسبة الـ(5 %) عكس ما حدث في مناطق الفرات الأوسط التي جرى فيها تعيين (قراء المقاييس) واستكمال إجراءاتهم منذ عام تقريباً، فتقاطع المعلومات وتأخير الإجراءات حال دون تنفيذ القرار واستحصال النسبة المتفق عليها إلا قبل 4 أشهر" .
من سوء حظ "قرّاء المقاييس" أن يجري توزيعهم للجباية في مناطق تفتقر الدور السكنية فيها للمقاييس، في مناطق مثل (الحميدية والدسيم وحي طارق) ومناطق عشوائية أخرى، كما أن بعض تلك المناطق لا تدفع الجباية حتى لو وجدت فيها المقاييس، فيعود الجابي منها بـ"خُفّي حنين"، أو بـ"دنانير معدودات" لا تكفي حتى لاستخراج نسبة.
أكد أحد قراء المقاييس وهو خريج دبلوم عال، أن "قراء المقاييس الذين تم تعيينهم بلا رواتب لا يتم توجيههم الى المناطق التي فيها (مولات ومطاعم) وتستحصل منها جباية عالية، ويفضل أن تكون حصة هذه المناطق لقراء المقاييس ممن كان على ملاك الوزارة للاستفادة المالية المستحصلة من المبالغ، واستفادتهم مما يقرب من 20 ألف دينار يومياً ماعدا الرواتب" .
ويعود الموظف لاستكمال حديثه لـ"الصباح": بأن "المظلومية التي طالت هؤلاء تعدت الى أكثر من النسبة المخصصة، عندما رفدت وزارة الكهرباء وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بقرص مدمج تؤكد خلاله أنهم موظفون في الوزارة، لتقتطع رواتب الرعاية عنهم وهم حتى ليسوا بأجراء " .
المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي تحدث لـ"الصباح" بالقول: إن "الوزارة أعدت أكثر من مخاطبة الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء والى مكتب رئيس الوزراء لغرض تحويل هذه الفئة من القرار 341 إلى عقود وفق القرار 315"، لافتاً إلى أن "الوزارة قدمت شروحات كثيرة تؤكد أن هذه الفئة عملت على تعظيم موارد وزارة الكهرباء وحدت من ضياع الأموال، وأن لدى الوزارة التخصيصات المالية الكافية لتحويلهم الى عقود"، مبيناً أن "أعداد قرّاء المقاييس تراجعت من 14 ألفا إلى 8 آلاف ينتظرون مصيرهم" .
وأضاف، "لقد أوضحنا في كتب رسمية أن نسبة 5 % لا تتناسب مع جميع المناطق، إذ هناك مناطق فيها نسبة جباية جيدة مقارنة بأخرى عشوائية تكاد تكون الجباية فيها معدومة"، وشدد على أن "الوزارة تتبنى قضية الـ(8 آلاف من قراء المقاييس) وتدعمهم بقوة لتحويلهم الى عقود، وكون القرار يعود لمجلس الوزراء فمن المفترض أن يتم التصويت عليه".
تحرير: محمد الأنصاري