{جنات عدن} تتحول الى أرض جرداء

العراق 2021/12/27
...

 ذي قار: نجلاء الخالدي
 
على نحو متسارع حول الجفاف ثلاثة آلاف كيلو متر من الأراضي التي تغمرها المياه ويتمايل فيها القصب والبردي، وتعيش فيها آلاف الاحياء المائية، وتغطي سماءها أسراب مختلفة من الطيور، الى أرض جرداء.
يبدو المشهد قاسيا بالنسبة الى المهتمين بجنات عدن، وأكثر قسوة لسكانها الذين بدؤوا يغادرونها في رحلات جماعية، وخلفهم بيوت من القصب ومشاحيف يغطيها التراب بعد أن كانت تجوب أعماق الاهوار وتحمل السياح والصيادين، ومن بقي منهم يصارع الجفاف استبدل مشحوفه بدراجة هوائية أو نارية.
يقول متعب غازي الذي ولد ذات يوم في "مشحوف": "كانت المشاحيف تجوب المسالك المائية المترامية الأطراف في الأهوار الوسطى وهور الحويزة، ولم يعرف السكان وسيلة أخرى" .
غازي الرجل الاهواري، اضطر كما العديد من سكان الاهوار الى اقتناء دراجة للتنقل، وترك خلفه مشحوفه بعد أن جفت المياه ولم يعد هذا المشحوف ذا فائدة في أراض جرداء.
وتحاول وزارة الموارد المائية إيصال المياه الى الاهوار عبر اتخاذ جملة من القرارات لمنع التجاوزات على مياه الأنهار. 
ويقول الخبير في منظمة طبيعة العراق جاسم الأسدي لـ"الصباح": إن "خطر الجفاف ما زال يهدد الاهوار"، لافتا الى أن "السيول القادمة من كردستان والتي صرف جزء كبير منها إلى سد العظيم، لم تحلّ مشكلة الجفاف" .
وبشأن هطول أمطار مرة واحدة، أضاف أنه "من السابق لأوانه الحديث عن اجتياز خطر الجفاف"، لافتا الى أن "الاهوار مهددة فعلياً بنزوح جماعي لسكانها ما لم تنتفض الجهات الحكومية لمواجهة التحديات التي تواجه تلك البقعة المهمة من أرض العراق" . 
وأوضح " يفترض أن منسوب المياه في موسم الربيع بأفضل مستوى، إلا أنه لم يرتفع في أكبر مستنقعات هور الحويزة الى أكثر من متر مكعب في الثانية من أصل أكثر من 1400 متر مكعب كانت تطلق من سدود الموصل وحديثة ودوكان ومن بحيرة الثرثار، والامر ذاته ينطبق على الاهوار الوسطى وهو الحمار، فالمياه التي  تصلها ليست ضمن الحصة المقررة بل نتيجة المياه الفائضة من مزارع الشلب والمبازل في الفرات الأوسط، وقد انخفض منسوب المياه في هور الجبايش إلى متر وتسعة سنتمترات بعد أن كان بداية هذه العام نحو متر و78 سنتمترا، ما يعني خسارة 90 % من المياه التي كانت تصله بداية العام الجاري، أي 
نحو 70 سنتمترا .
وبين أن المشكلة ستتفاقم بالاهوار الوسطى وهور الحمار مع قدوم الصيف المقبل وارتفاع درجات الحرارة وزيادة مستوى التبخر، وكل هذا ينعكس على سكان الاهوار الذين يعتمدون على تربية الجاموس مثل قرية "حسه " التي أصبحت المستنقعات التي تحيط بها حجارة بيضاء، وكذلك الحال في الجزء الشمالي للسدة الجنوبية لنهر الفرات.