اصنعوا تاريخاً جديداً

العراق 2021/12/28
...

أحمد عبد الحسين
 
أمس، ردّت المحكمة الاتحاديَّة طعون المعترضين على نتائج الانتخابات النيابية؛ فهل قضي الأمر؟
الانتخابات مع نتائجها والقبول بها أو الاعتراض عليها والطعن بها والاحتكام للقضاء، وحتى التظاهر سلمياً، كلّ ذلك داخلٌ في صلب العملية الديمقراطية ويؤشر على ولادة عرف جديدٍ يمتاز بموجبه الساسةُ إلى فريقين: رابح وخاسر، وبالتالي موالاة ومعارضة.
ما هو غير ديمقراطيّ حقاً يتمثل في الأصوات التي ما فتئتْ تخرج منذ إعلان النتائج همساً أول مرة وعلى استحياء ثمّ صراحة وبصوتٍ عالٍ مطالبة بتعويض أو ترضية أو جبر خاطر. 
جرّبنا الحكومات التوافقية التي جوهرها المحاصصة وكانت ثمارها سامّة قاتلة، وجرّبنا انعدام المعارضة السياسيّة وهرولة الجميع إلى وليمة السلطة وكانوا يأكلون وتمتلئ البطون فيشتمونها مع الجوعى الشاتمين. جرّبنا ذلك واختبرناه فوجدناه وصفة لكلّ ما هو سيئ، أيْ لكلّ ما نحن فيه الآن.
السؤال الذي يثار هنا بمناسبة ردّ المحكمة الاتحادية: لم لا تجربون المعارضة؟ لم لا تستغلون فترة غيابكم المؤقتة عن الحكم بمحاولة كسب ودّ الناخب من جديد، ولم لا تكونون مشاركين في سابقة تاريخية من شأنها تغيير ملامح العراق المقبل، بقبولكم طواعية الاعتراف بما يريده الناس؟
ليس الخاسر في الانتخابات فاشلاً، هو في أقصى احتمالٍ أخطأ في تقدير معرفة رغبات المواطنين، ولم يقرأ الرأي العام جيداً، وفاتته حقيقة أنَّ غضب الناس ليس ناتجاً دائماً عن مؤامرة كونية، بل هو غضب مواطن اعتياديّ يريد حقوقاً اعتيادية لم توفرها له الخلطة التوافقية المسمومة. الفاشل هو مَنْ يجرّب نفس الوسائل بنفس العقلية ويتوقع نتائج مغايرة.
نحن في لحظة فارقة: من لم يكسبْ في الانتخابات يمكنه أن يقدّم خدمة كبرى لتاريخ العراق.