أمنية 2022

اقتصادية 2022/01/03
...

 ياسر المتولي 
 
أمنية من بين الأماني في العام 2022 حسم ملف الكهرباء، فقد تبدو أمنية غريبة، وهي كلمة صغيرة في عدد حروفها لكنها عميقة في مضمونها، كما إنها ليست شخصية، انما وطنية شعبية من دون ادنى شك. مضى قرابة 18عاماً على التغيير وملف الكهرباء يدور في رفوف الحكومات المتعاقبة من دون حل جذري .
واستكمالاً لما جاء مع اخر مقال لي في نهاية العام 2021 عن البرنامج الاقتصادي، فإن أيَّ حديث عن تحقيق نمو اقتصادي بمعزل عن حسم ملف الكهرباء انما هو شعارات او هواء في شبك لماذا؟
لأن الكهرباء هي العامل الاساس للمباشرة بتنمية حقيقية، والتي تستند الى تنشيط وتفعيل القطاعات الانتاجية صناعية ام زراعية او خدمية، وعند حسابات الجدوى الاقتصادية للكهرباء تظهر لك اهميتها في تشغيل القطاعات الانتاجية لأغلب مشاريعها المعطلة لعدم توفر القدرة الكهربائية، وعدم كفايتها لتشغيل المشاريع، معنى ذلك تبقى مشكلة البطالة ثابتة لا بل تزداد باضطراد.. فعن اي تنمية نتحدث مع اتساع البطالة .
وحتى الاستثمار في إحداث التنمية الاقتصادية، فاي مستثمر يخاطر بأمواله مع عدم توفر الكهرباء واثرها في حسابات الكلف وبما لا تحقق هدف المستثمر .
هذه جزئية بسيطة تظهر لنا الأهمية الاقتصادية لملف الكهرباء في عملية تحقيق التنمية الاقتصادية، ثمَّ إنَّ تحذير وزير المالية يدعونا للبحث عن بدائل لإيرادات النفط عبر تفعيل الانتاج أليس كذلك؟.
وبغض النظر عما فات، والاموال التي هدرت من دون حلول، نتركها لوقتها، علينا الآن أن نستعين بتجارب عالمية في معالجة الكهرباء، ولن نذهب ببعيد لنتابع تجربة الشقيقة مصر، كيف استطاعت تحويل الكهرباء من أزمة الى اكتفاء ذاتي ثم دخولها مرحلة التصدير .
تشير التقارير الى أن مصر استطاعت خلال 8 أشهر تحقيق اكتفائها الذاتي من الكهرباء، من خلال تنفيذها لمشاريع وبكلفة ملياري دولار وهذه كانت البداية.
بعد ذلك خططت للانطلاق لتحقيق طفرة نوعية وذلك في الاعوام 2014 – 2020، حيث تم الانتهاء من انجاز 153 مشروعا لإنتاج الكهرباء بإجمالي 27 الفا و500 ميكا واط، ثم باشرت مصر ايضاً تنفيذ اكبر مشروع لانتاج الطاقة الشمسية في العالم بقدرة 2000 ميكا واط باستخدام 200 الف لوحة شمسية على مساحة 37 كيلو مترا مربعا وبكلفة  ملياري دولار .
وفي العام 2018 تعاقدت مع شركة سيمنس لانشاء ثلاث اكبر محطات عملاقة وبكلفة 6 مليارات يورو لتتمكن مصر من تحقيق فائض في الانتاج يبلغ 24 الف ميكاواط اضافية لتقوم بتصديرها الى دول الجوار ومحيطها العربي .
ولو قارنا المبالغ التي صرفت على ملف الكهرباء والكلف الباهظة، لوجدنا ان ماصرفته مصر بـ 8 سنوات لا يشكل الا بحدود 2 بالمئة مما صرفه العراق، مع فارق الزمن 8 سنوات في مصر و18 سنة في العراق.
السؤال هل يبقى ملف الكهرباء رهين تجهيز دول الجوار بمستلزمات تشغيل الطاقة؟.
نضع هذه الامنية المتواضعة أمام أنظار الحكومة الجديدة المرتقبة، لتضعها في اولوياتها لأهميتها الاقتصادية والاجتماعية والانسانية.. فهل هذه الأمنية غريبة حقاً؟!.