ثامر الهيمص
وكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني، توقعت أن يشهد العراق اعلى نمو في بلدان الخليج المصدرة للنفط العام المقبل، الى معدلات قد تصل 1. 8 % .
مما لا شك فيه أن الناتج الوطني إجمالا يتأثر بالبنية التحتية لاستقرار وقوة العملة الوطنية. ومن المعلوم إن الصعود والهبوط في العملات في ضوء العلاقة بالاقتصادات يتم التعامل معها وأبرزها الدولار.
نسمع مثلا عن هبوط الليرة التركية والتومان الايراني، وهذا يتم عبر قرار مركزي وكذا الحال بالنسبة للدينار العراقي، كما حصل مؤخرا من تخفيض، لمواجهة نزيف الدولار، جراء الاستيراد المفرط وليس كما يحصل عند الجارين، اذ استوردنا الأبخس بالعملة الصعبة وما ينافس المنتج الوطني .
فتمَّ استيراد ورق العنب وعرانيص الذرة الصفراء بل وحتى الدبس، في حين كان الهدف هو الضغط لتخفيف التحويل الخارجي لأغراض المستورد، ما يعني أن التعويم ما زال بابه مفتوحا على مصراعيه، اذ لم نلحظ فرقا او خفضا بالتحويل الخارجي لإغراض الاستيراد في جانبه المفرط عندما نقارنه مع تخفيض قيمة الدينار .
فلم تنخفض مبيعات نافذة العملة بنسبة الربع كما انخفض الدينار، اذ بالعكس كان المنتج يواكب سعر المستورد ويضاهيه، اضافة للكلف التي جعلته يرتفع قياسا لنظيره المستورد الذي لا تشمله معايير المواصفة العراقية، كامتياز للمستورد لتطبق فقط على المنتج الوطني.
فحسب وزارة المالية ومقاييسها إنه يجب أن يحصل البلد على 7 مليارات من الجمارك سنويا، لكن في الواقع انها تصل 12 % منها فقط من موارد الجمارك الى وزارة المالية، وإن الاموال المهربة منذ العام 2003 بلغت 350 مليار دولار، اي ما يعادل 32 % من ايرادات العراق خلال 18 سنة. السؤال ألم يكن المهرَّب زائدا السبعة مليارات سنويا من ضائعات الجمارك كافيا للحيلولة دون تخفيض قيمة الدينار؟. لنعد لمواردنا النفطية التي سننافس بها دولا نفطية في الاوبك، ونخصص صندوقا خاصا لدعاوى متابعة المال المهرَّب في الملاذات الدولية الآمنة وغير الآمنة، كما يمكننا التفاهم مع الأتراك بعرض تجاري معقول مقابل مياه انخفضت للنصف لتأمين أمننا الغذائي، الذي لا يمثله القمح فقط، بل متعلقات من اجهزة ومعدات ترفع مستوى زراعتنا وهي تواجه أزمة مياه بكل الأحوال، رغم وجود صناعة عراقية متقدمة للمرشّات في معامل الاسكندرية.
العلاقة الاقتصادية المتكافئة مع دول الجوار، عموما، قد تتطور من المقايضة المقيمة بالدولار، ثم تتجه بالتبادل النقدي بالعملات الوطنية، اضافة للاستقرار السياسي والأمني وما يترتب عليه من مشاريع متكاملة ثنائيا او اقليميا في ضوء مشاريع دولية ما يعزز دينارا مستقرا .
بكل الأحوال كانت وما زالت عملية تعويم الدينار لا تعكس حسابات البيدر، بل حساب حقل طالما تعرض لعوامل الفساد، فكانت النتيجة زيادة نسبة الفقر ونحن نواجه تحديات التهريب المنظَّم وملف المياه، أي إن السياسة النقدية تتطلب شفافية تطرح من خلالها في الموازنة القادمة والعودة لنظام فتح الاعتمادات المستندية، لننتهي من مرحلة الاستثناءات والطوارئ التي باتت سببا جوهريا لهشاشة الدينار .