هموم المرضى الفقراء

آراء 2022/01/11
...

 حسن السلمان 
لا تلوح في الأفق حلولٌ جذرية لمشكلة الرعاية الصحية للمواطنين من ذوي الدخل المحدود والفقراء. فما إن يسقط أحد أفراد الأسرة العراقية الفقيرة فريسة لمرض خطير تعجز مؤسسات الدولة الصحية عن علاجه. 
 
حتى تبدأ رحلة الأحزان والمعاناة المريرة لتدبير مبالغ علاجه في المستشفيات الأهلية الجهنمية الكلفة، إلى درجة أن الأمر يصل ببعض تلك الأسر المنكوبة إلى بيع مساكنها وماتملك من أثاث ومستلزمات معيشية بسيطة لعلاج مرضاها، ومن لا يملك شيئاً يسلم أمره لفرج الله.
السؤال هنا، لماذا تعجز مؤسسات الدولة الصحية من مستشفيات ومراكز طبية عن علاج المرضى الفقراء من ذوي الحالات المرضية الخطيرة بينما المستشفيات الأهلية قادرة ومؤهلة على ذلك؟ هل يعقل أن دولة نفطية كالعراق بمواردها الضخمة، وعلاقاتها الدولية، وبروتوكولاتها الصحية مع الكثير من المؤسسات الصحية العالمية عاجزة عن توفير أجهزة وكوادر طبية لعلاج مرضها " المساكين " بينما القطاع الخاص بإمكانياته التي لا يمكن أن تضاهي إمكانيات دولة، بمقدوره توفير أحدث الأجهزة الطبية وأمهر الكوادر الطبية؟ هل يعقل الطلب من المرضى في المستشفيات الحكومية إجراء الفحوص والتحاليل في المختبرات الأهلية وشراء الدواء من الصيدليات الخارجية وهي جميعها باهظة الثمن؟ ناهيك عن الفرق الكبير في نوعية الخدمات الصحية الرديئة السيئة التي تقدمها المستشفيات الحكومية لمرضاها على مستوى التغذية والنظافة والمتابعة والمعاملة الإنسانية بينما تقدم المستشفيات الأهلية افضل الخدمات.
من الغريب والمستهجن حقاً ألا تتوفر الأدوية النادرة في المستشفيات الحكومية، بينما نجدها مبذولة في الصيدليات الأهلية ومن مختلف المناشئ العالمية، وبطبيعة الحال بأسعار خيالية يعجز الكثير من الفقراء عن شرائها.
لذلك ينبغي وعلى وجه السرعة معالجة هذا التراجع الكبير في تقديم الخدمات الصحية وحماية المرضى المعدمين في المؤسسات الحكومية، سواء على مستوى إنشاء بنية تحتية صحية متطورة، أم على مستوى تقديم الخدمات الطبية وحماية المرضى من جشع واستغلال المستشفيات الأهلية، وتفعيل قانون الضمان الصحي بحذافيره وضوابطه التي تلزم المستشفيات الحكومية لتقديم أفضل الخدمات ومراقبة مرافق القطاع الخاص الصحية ووضع سقوف مادية لخدماتها من إجراء عمليات وصرف أدوية وإجراء فحوص، والنظر إلى تلك الشريحة المعدمة من المرضى نظرة إنسانية تعكس حقيقة تلك المهنة النبيلة.