بغداد: حسين ثغب
معروف أن أسعار النفط العالمية تعيش حالة من التذبذب الشديد متأثرة بعدة عوامل آنية وتراكمية، ومن أهمها تطورات جائحة كورونا ومتحوراتها، فقد ظهر متحور اوميكرون في شهر تشرين الثاني من العام الماضي في جنوب افريقيا وانتشر بسرعة في مختلف دول العالم، ما أدى الى إثارة المخاوف لدى الكثير من المسؤولين في المؤسسات الاقتصادية العالمية وخاصة اسواق النفط العالمية، ما دفع الى انخفاض أسعار النفط بحدود 15 ٪ بعد ان تجاوزت عتبة 80 دولارا/ برميل قبل ظهور متحور اوميكرون.
ولكن بعد ذلك عاودت أسعار النفط العالمية بالتعافي تدريجيا بسبب التخوف من حصول نقص في امدادات النفط نتيجة للاضطرابات السياسية والأمنية التي تحدث في بعض الدول المنتجة للنفط، فضلا عن تراجع مخاطر جائحة كورونا وتقلص المخاوف من متحور اوميكرون، وقد وصلت اسعار النفط في الوقت الحاضر الى مستوياتها السابقة في شهر تشرين الثاني الماضي.
عدم استقرار
خبير الطاقة الدولي د.فلاح العامري قال: “بدأت تظهر تساؤلات مشروعة عند الكثير من الاقتصاديين والسياسيين والمحللين حول مستقبل أسعار النفط العالمية وسط هذا التذبذب الشديد وعدم استقرار النفط رغم الاتجاه الايجابي العام”.
وأضاف “رغم أن المؤشرات الحالية وأساسيات أسواق النفط العالمية تشير الى ان هناك عوامل عديدة تدفع باتجاه استمرار ارتفاع اسعار النفط خلال عام 2022، إلّا أن هناك تباينا في تقدير مستوى أسعار النفط المتوقعة، لذلك برزت هناك ثلاثة سيناريوهات لمستويات أسعار النفط العالمية، وكل سيناريو تحركه عوامل مختلفة تؤثر في العرض والطلب على النفط”.
تغيرات كبيرة
وأشار الى ان “اول تلك السيناريوهات بقاء اسعار النفط تتراوح ضمن مستوياتها الحالية بين 75 - 85 دولارا للبرميل في حالة عدم حصول تغيرات كبيرة في الظروف التي تمر بها اسواق النفط العالمية الحالية، وتبقى الاسواق في حالة حذر وترقب لاي تغيرات طارئة في العالم ربما تؤثر في مستويات اسعار النفط”.
السيناريو الثاني
ولفت الى ان “السيناريو الثاني هو الاستمرار بارتفاع اسعار النفط ووصولها الى عتبة 100 دولار للبرميل، وهذا السيناريو يحدث في حالة حصول العوامل الآتية، توقف الولايات المتحدة الاميركية عن تحرير جزء من مخزوناتها النفطية الى الاسواق المحلية بموجب الخطة التي وضعها الرئيس بايدن والتي تنتهي في شهر اذار او نيسان المقبل، وكذلك في حال استمرار توقف ضخ النفط الليبي وكازخستان الى الاسواق العالمية، فضلا عن تعثر المفاوضات المتعلقة بالاتفاق النووي الايراني، ونمو الطلب على النفط نتيجة لزيادة في نشاط الاقتصاد العالمي تدريجيا بسبب تقليص اجراءات القيود العالمية على حركة المواطنين، الى جانب استمرار ارتفاع الطلب على النفط بسبب انخفاض في درجة حرارة في الدول الاوروبية واميركا وروسيا وغيرها من الدول التي تمر بظروف جوية باردة وقاسية” .
السيناريو الثالث
وبيّن العامري أن “السيناريو الثالث يقف عند احتمالية وصول اسعار النفط مستوى 125 دولارا للبرميل، وفي الحقيقة هناك احتمال في وصول اسعار النفط لعتبة ١٢٥دولارا، كما تتوقعه بعض المؤسسات المالية او شركات النفط العالمية، الا اذا توفرت الظروف التي تسبب حصول خلل كبير في التوازن بين العرض والطلب على النفط في الاسواق العالمية، في حالة حصول نمو كبير في الطلب على النفط الى مستويات عالية خاصة في شهر شباط فما فوق، خاصة في حالة حدوث موجة برد شديدة بسبب انخفاض درجة الحرارة بشكل كبيرة، وكذلك في حالة حصول ارتفاع في الطلب بشكل كبير بعد الاعلان رسميا على ضعف تأثير متحور اوميكرون وظهور مؤشرات انتهاء جائحة كورونا وفتح شامل لحركة النقل المحلية والعالمية من دون قيود وعودة النشاط الاقتصادي العالمي الى مستوياتها كما كانت قبل ظهور جائحة
كورونا”.
مخزونات النفط
وأكد أن “السيناريو الثالث يتضمن توقف استمرار تحرير جزء من مخزونات النفط الاميركي بموجب خطة الرئيس بايدن، لان هذه الطريقة اصبحت غير فعالة بسبب حصول نقص كبير في مخزونات النفط الخام الأميركي،إذ وصلت الى ادنى مستوياتها منذ 2018 وتضاعف سحب النفط من المخزون نتيجة خطة بايدن من جهة وزيادة الطلب المحلي من جهة أخرى بسبب فصل الشتاء البارد، كما ان استمرار هذه الحالة بدأت تسبب قلقا لدى تجار بورصات تجارة النفط وربما تؤدي الى ارتفاع كبير في اسعار النفط الى مستويات عالية ربما تصل او تتجاوز 125 دولارا للبرميل، وان فرصة حدوث هذا السيناريو تتزايد في حالة بقاء خطة اوبك كما هي وتذبذب عودة النفطي الليبي والكازاخستاني وتأخر الوصول الى اتفاق النووي بين جمهورية إيران ومجموعة 5+1”.