أميركا وسياسة العام الأول

قضايا عربية ودولية 2022/01/18
...

علي حسن الفواز
ثمة من يقول إن الديمقراطية في أميركا تتراجع، وإن ما يهدد ديمقراطيتها، هو ذاته ما يهدد سياساتها الخارجية، وعلاقاتها الكبرى التجارية والأمنية والسياسية مع روسيا والصين كوريا وإيران وفنزويلا وكوبا وغيرها، وهذا القول ليس حكماً قاطعاً، بل هو موقف يكشف عن مرجعيات ايديولوجية، أو حسابات انتخابية، فماجرى بعد مقتل جورج فلويد من قبل الشرطة، ومارافق أحداث الكابيتول وضعت الكثيرين أمام قراءة جديدة لمفاهيم الديمقراطية، وللحقوق، ولهوية الدولة الأميركية التي قامت على أساس احتواء التنوع.
بعد غد سينتهي عام سياسي على إدارة الرئيس بايدن، وحتماً ستكون هناك مراجعة، وإجراءات يعاين من خلالها الديمقراطيون طبيعة الأخطار التي واجهت حكمهم، وماهي استشرافاتهم للعام القادم، والذي سيشهد انتخابات نصفية، يمكن أن يُحدد أفقاً لمصير الإدارة الأميركية في مرحلتها القادمة.
التهديدات التي واجهت رئاسة بايدن كبيرة، وكثيرة، لاسيما مع إجراءات بدأت مفاجئة كالانسحاب من افغانستان، أو بدت صعبة كالحوار الصعب مع الصين، أو مثيرة للقلق في العلاقة مع روسيا، ومع ملفاتها المفتوحة بشأن اوكرانيا وسوريا، فضلاً عما تتعرض له السياسة الداخلية من صعوبات، وعلى صعيد تأصيل فكرة الحقوق العامة، وتصاعد الاحتجاجات، وأزمة الاقتصاد والبطالة، والعلاقات مع الشركات الكبرى، فضلاً عن أزمة الخدمات، والسيطرة على تعقيدات الواقع الصحي مع تضخم أعداد المصابين بجائحة كوفيد - 19 .
كل هذا يثير أسئلة بشأن الرهانات الأميركية، وعن مدى قدرتها على مواجهة تحدياتها، وعلى التخفيف من حدّة تعاطيها مع ملفات معقدة، كما مع الملف النووي الإيراني، وفي تواجد قواتها في الشرق السوري، أو في موقفها إزاء كوريا الشمالية، أو في سياساتها بشأن عقدة الممرات المائية، أو في موقفها من مشروع الغاز الروسي ومايمكن أن يتركه من أثر كبير في أوروبا ذاتها التي تحتاج إلى الدفء الروسي، فضلاً عن التلويح بخيار الذهاب إلى الحرب أو التهديد بها، لاسيما في دعمها لمواقف اسرائيل إزاء إيران، وهي قضية قد تهدد تداعياتها المنطقة برمتها، وتضع الجميع عند بوابة 
الجحيم..
عام بايدن القادم، هو عام الاحتمالات، وربما هو عام الترميم الداخلي، ومعالجة أزمة الديمقراطية، حتى لا تكون الانتخابات القادمة مفتوحة على احتمالات مضادة قد تضع الديمقراطيين خارج البيت الأبيض مرة أخرى...