بغداد: حيدر فليح الربيعي
دعا مختصون بالشأن الاقتصادي، الى ضرورة التنسيق بين البنك المركزي ووزارات التخطيط والصناعة والزراعة، بشأن مبادرة دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي خصص لها المركزي ترليوني دينار، مؤكدين أهمية التركيز على المشاريع الصغيرة المعتمدة على دراسة مسبقة لواقع السوق، لا سيما التي ترسمها وزارة التخطيط، وبينما أثنوا على دور المبادرة في دعم القطاعات الانتاجية المختلفة، انتقدوا في الوقت ذاته صعوبة الحصول على القروض نتيجة الضمانات والآليات المطلوبة.
وأقدم البنك المركزي مطلع الأسبوع الحالي على زيادة مبادرته الخاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي خصص لها ترليون دينار العام الماضي، ليعززها بترليون دينار آخر هذا العام، في خطوة قوبلت بترحيب اقتصادي {مشروط} حدد ضرورة إشراك قطاعات حكومية متخصصة في تلك المبادرة، وعدم التركيز على الجانب السكني فيها.
غياب {التخطيط}
الخبير الاقتصادي منار العبيدي، ورغم تأكيده أهمية خطوة البنك المركزي، لكنه انتقد أن تكون المبادرة داعمة بشكل أساسي للقطاع السكني، مبيّنا أنه ورغم أهمية تلك المشاريع في حل مشكلة السكن، إلّا أنها غير قادرة على توفير فرص عمل مستدامة او زيادة الناتج المحلي لقطاعات مختلفة.
كما أبدى العبيدي، استغرابه من {اختفاء دور وزارة التخطيط بالكامل في المساهمة بهذه المبادرة، على الرغم من أنها الجهة المسؤولة عن رسم السياسة الاقتصادية للبلد، التي ينبغي أن تلعب دورا أساسيا مع البنك المركزي العراقي في التركيز على قطاعات يعاني العراق نقصا كبيرا فيها، لا سيما في الجوانب الصناعية والزراعية والخدمية}.
التوزيع الجغرافي
ولفت العبيدي، الى أن {اعتماد البنك المركزي العراق على البنوك الأهلية في تقديم القروض، من دون وجود أهداف موضوعة على البنوك واجب تحقيقها، جعلها أقل ضغطا في تمويل مختلف المشاريع، وأصبحت آلية اختيار المشاريع انتقائية من البنوك، فضلا عن أن ارتفاع الكلف الإدارية للحصول على القروض كان عاملا مؤثرا يجب على البنك المركزي مراعاته}.
وأشار الخبير الاقتصادي، الى {غياب التوزيع الجغرافي العادل لتمويل المشاريع، إذ تركزت أغلب الأموال في محافظات معينة تتصدرها بغداد بينما لم يتم تمويل كثير من المشاريع التي تقع في محافظات ذات مستوى دخل منخفض كمحافظتي السماوة او الديوانية واللتين تعتبران من أفقر المدن التي تحتاج فعليا الى وجود مشاريع حقيقية قادرة على توفير فرص عمل}.
وشدد الخبير العبيدي، على ضرورة أن تكون مبادرات دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالتنسيق بين وزارتي الصناعة والزراعة والبنك المركزي، مؤكدا أن ذلك التنسيق كفيل برسم سياسة اقتصادية للمشاريع الحيوية التي من الممكن أن تسهم في خلق فرص عمل حقيقية ومستدامة وتكون أقل عرضة للمخاطر، ومن ثم فإن ابتعاد وزارات التخطيط والصناعة والزراعة عن مبادرة البنك المركزي أدت الى أن تكون المبادرة بعيدة عن تحقيق أهدافها الحيوية والمتمثلة في توفير فرص عمل حقيقية نتيجة توجه معظم القروض الى القطاع السكني.
وبغية تحقيق أعلى نسب نجاح للمبادرة، حث العبيدي، على أهمية التركيز على المشاريع الصغيرة المعتمدة على دراسة مسبقة لواقع السوق والسياسة الاقتصادية التي ترسمها وزارة التخطيط بالتعاون مع الوزارات الانتاجية (الصناعة، الزراعة، الاتصالات، هيئة السياحة) لدفع المبادرة نحو مشاريع معينة تستطيع فعليا تحقيق ارتفاع في الناتج المحلي من قطاعات مختلفة.
تعزيز النمو
بدوره أشار الباحث الاقتصادي، بسام رعد، خلال حديثه لـ {الصباح} الى أن {من واجبات البنك المركزي الحفاظ على الاستقرار النقدي في الدولة والإسهام في تعزيز النمو الاقتصادي وتخفيض البطالة والسيطرة على التضخم}، مشيرا الى أن {البيئة المصرفية في العراق تعد خطرة كما أن القطاع المصرفي يعد المشاريع الصغيرة والمتوسطة ذات مخاطر كبيرة لأسباب تتعلق بضعف الضمانات ونقص المعلومات وعدم وجود دراسات جدوى حقيقة، وهذه الأسباب تدفع بالمصارف الأهلية إلى عدم تقليل نسبة الفائدة وضعف المشاركة في هكذا مبادرات}.
وأوضح رعد، أن {مبادرة البنك المركزي مَحل تقدير كبير وهي جُهد مبارك، إلّا أنه ينبغي الأخذ بنظر الاعتبار عدم تأثير تلك المبادرات على مستوى التضخم كما حصل مع مبادرة الإسكان سابقاً، وكذلك ينبغي قبل إطلاق هكذا مبادرات تهيئة الأدوات والسياسات التي تجعل من بيئة عمل هذه المشروعات بيئة سليمة محاطة بتشريعات وقوانين تعزز البيئة الإنتاجية والاستثمارية وتعمل على استمرارية ونجاح هذه المشاريع}، مبينا أن {أغلب المشكلات التي تواجه هذه المشاريع بعد مشكلة توفير التمويل هو كيفية مراقبة إدارة وتوجيه تلك الأموال ومراقبة أداء المشاريع وقياس مردوداتها الاقتصادية}.
من ناحيته، تساءل الخبير الاقتصادي، دريد الشاكر العنزي، عن {المردودات الاقتصادية لتلك المبادرة، وهل قام البنك المركزي بدراسة جدوى لها}، مؤكدا بالقول: {ما هو الضير لو حددت نسبة للقطاعين الصناعي والزراعي، وما هو الضير لو حددت وزارتا الزراعة والصناعة بشكل عام احتياجاتهما}، مؤكدا ضرورة أن تكون الأولية في تلك المبادرة {لخريجي كليات الزراعة بهدف إقامة مشاريع منفردة ومشتركه بينهم}.