بغداد: مصطفى الهاشمي
تحتاج السوق العراقية الى انفاذ تطبيق أدوات ضبط الاسعار لتحقيق التوازن بين العرض والطلب، من خلال تعزيز منافذ البيع، التي تستطيع الحكومة توجيهها، اضافة الى تقنين استيراد سلع حيوية، الى جانب دراسة جدوى خفض الرسوم الجمركية على السلع و خامات المنتجات الصناعية المهمة، بما من شأنه خفض تكلفة الانتاج و اعادة التوازن الى السوق، وبالتالي تقليل الضرر على المستهلك من حيث ارتفاع الأسعار.
وفي هذا الشأن قال مدير مركز بحوث السوق وحماية المستهلك الدكتور يحيى كمال البياتي : إن “هناك عوامل خارجية واخرى داخلية لها تأثيرات مباشرة او غير مباشرة على ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية على حد
سواء”.
ارتفاع الكلف
وأوضح البياتي في تصريح لـ”الصباح” أن “ العوامل الخارجية تتمثل بارتفاع اسعار النفط، وتغيرات المناخ وتأثيره في الزراعة عالميا، واما الداخلية تتمثل بارتفاع الكلف التي تسببها صعود اسعار الطاقة والمحروقات والنقل وايجار العقارات (المحال التجارية)، فضلا عن أجور الأيدي
العاملة”.
وتابع “يتأثر واقع السوق العراقية بالاستيراد وإن أغلب المواد المستوردة، هي التي شهدت ارتفاعا في أسعارها، ونادرا ما تعرض المنتج الوطني الى ارتفاع اسعاره، لا سيما اذا كانت مواده الاولية متوفرة داخل البلد ولا يتمُّ استيرادها”.
ضبط الأسعار
وأضاف “يفتقر العراق الى الخطط الستراتيجية على مستوى السوق، فمثلا التاجر العراقي يكون عمله موسميا فقط ولا يفكر بالخزن، لأنه يبحث عن تصريف بضاعته بأسرع وقت، تلبية لحاجة السوق فقط من
الطلب”.
وأشار البياتي الى أن “ضبط الأسعار يصعب في بلد مثل العراق، الذي تتداخل فيه العوامل الخارجية والداخلية، ما يدعو الى وضع سياسة صارمة لدعم الانتاج المحلي على الصعيد الزراعي والصناعي، اللذين لديهما تأثير مباشر على نفقات المواطن اليومية”.
ورأى أن “فرض مثل هذه السياسة الاقتصادية من شأنه أن يحقق نوعاً من الرفاهية المجتمعية ويدفع الفرد الى الادخار والتوفير، وعدم القلق من تقلبات أسعار الصرف لأن المنتج هنا سيكون منتجا وطنيا ومدعوما من الحكومة، ما سيحقق استقرارا ملحوظا في الأسواق، فضلا عن استيعاب نسبة كبيرة من الايدي العاملة، اذا ما تمَّ دعم الانتاج في معامل القطاع الخاص”.
ولفت البياتي الى أن “العراق يفتقر لمؤشر مستوى دخل الفرد، وبالتالي فإن غياب هذا المؤشر له تداعيات على استقرار الأسعار، اذ إن النظرة العامة والشمولية لمستوى دخل الفرد العراقي، تبدأ من الصفر دينار الى أن تتجاوز المليونين دينار في أحسن الأحوال للعاملين في الوظائف التي يوفرها القطاع الخاص”.
هوامش ربح
ويرى معنيون بالشأن الاقتصادي ضرورة أن تتجه الحكومة الى توجيه الاستثمار الى صناعات تحتاجها السوق، والتعاون مع التجار بوضع حد يتضمن هوامش سعرية للسلع الحيوية تعلنه وتتابع تحديثه غرف التجارة، وتراقب الحكومة تطبيقه، ولا تلزم به حتى لا يعني ذلك العودة الى سياسة التسعير.
بدورها قالت الباحثة الاقتصادية لبنى الشمري “لغرض ضبط إيقاع الأسعار بالتناغم مع مدخولات المواطنين، يجب أن تتولى لجنة من التجار والحكومة تحديد هوامش ربح معقولة للسلع الأساسية، يلتزم بها التجار، فضلا عن تنشيط دور مركز بحوث السوق وحماية المستهلك لتوجيه المواطنين إلى شراء سلع ومنتجات وطنية، لكون مثل هذا التوجيه يساعد على نشر ثقاقفة الاستهلاك لدى الفرد والأسرة العراقية”.
تنويع المنتجات
ورأت الشمري أن “ضبط أسعار السلع، فى ظل الاقتصاد الحر لا يتحقق بقرارات فقط، ولكنه يتحقق من خلال تنويع المنتجات، المحلية لتتنافس مع المستورد، ومن ثم ليختار المستهلك السلعة التي تناسب قدراته السعرية
واحتياجاته”.
واشارت الى أن “تطبيق مبادئ السوق الحر وتشجيع التنافسية لا يعني عدم تدخل الحكومة. فالتدخل يتمُّ عبر آليات وطرق متعددة، بعيدة عن التسعير الإجباري أو إحكام الرقابة على الأسواق ومنع تخزين السلع والبضائع واحتكارها لرفع
الأسعار”.