من ينقذ شيخ الخطاطين عباس بغدادي؟

ثقافة 2022/01/25
...

 مرتضى الجصاني
 
كانت وما زالت بغداد المصدر الأهم في تطوير وتجويد الخط العربي وتمتد هذه السلسلة من ابن مقلة الوزير وتنتهي بأحد أهم الخطاطين المعاصرين وهو عباس بغدادي فهو سليل هذه السلسلة المضيئة من أعلام الخط العربي وهو وريث مدرسة بغداد بعد رحيل عميد الخط العربي هاشم البغدادي وعلى الرغم من كثرة الخطاطين في العراق وتعلقهم وحبهم لهذا الفن إلا أن عباس بغدادي له نكهة الخط كما لو كنت تعيش في بغداد
العباسية . 
(بغدادي) كما يطلق على نفسه لقباً اتخذه توقيعاً في جميع أعماله التي لا تعد ولا تحصى وكلها تتميز برصانة وإجادة الحرف وتركيبه وهندسته وتشريحه حسب رؤيته الفنية العميقة التي استقاها من تراث الأقدمين ومن عبق أزقة بغداد حتى صارت لوحاته رمزاً وعلامة للخط العربي ولبغداد .
بغدادي اليوم تجاوز سن السبعين ومؤخراً يعاني من تدهور الحالة الصحية حيث تم نقله إلى الولايات المتحدة الأميركية لتلقي العلاج بعد أن ترددت المملكة السعودية في علاجه حيث يقيم فيها منذ 
سنوات .
عباس بغدادي قيمة فنية كبيرة ومعلم من معالم الفنون الأصيلة في العراق إذ تخرج على يديه مئات الخطاطين الذين أصبحوا أساتذة في هذا الفن ونذر عمره لخدمة الخط العربي وتفاصيله وتدريسه وهو يتعامل مع كل ذلك بروح عفوية تشبه مزاج جميع العراقيين من حدة المزاج وطيبة القلب .
لم تلتفت وزارة الثقافة أو أي جهة أخرى مسؤولة لهذا الفنان الكبير وهو يحط رحاله بين عمّان وأميركا والسعودية وفي كل مكان يشع فناً ويخرج طلاباً وأساتذة في الخط العربي.
لا يمكن الحديث عن عباس بغدادي وقيمته الفنية في هذه السطور القليلة إذ إنه متعدد المواهب ويجيد كل الفنون التي اشتغل عليها من الزخرفة والخط العربي والتذهيب والتصميم والرسم 
وغيرها .
وهنا شذرات من سيرة هذا الفنان المبدع المجدد سليل مدرسة بغداد العظيمة 
عباس بن شاكر بن جودي المعروف بالبغدادي 
 تمكن (بغدادي) من تطوير إمكانياته الخطية بشكل فردي وموهبة فذة وسمُّوه «مهندس الحروف» لأنه يستحق ذلك .
والعجيب أنه بدا رسَّاماً محترفاً والذي يشاهد رسومات وتخطيطات عباس بغدادي لا يصدق أنه ترك الرسم وتعلق بالخط العربي...  ومن إمكانياته الأخرى أنه يجيد كل شىء يوَكل إليه في المجال الفني التصميمي والطباعي...
وميزة إبداعه نظافة الحرف وقوة التركيب وجمال الإخراج للوحة الخطية وهو مزخرف مبهر .... أنتج البغدادي من اللوحات ما لم ينتجه خطاط قبله لا من العرب ولا من الأتراك ولكن ثمرة إنتاجه هو ثلاث كراسات للخط العربي بصيغة لا تشابه الكراسات الأخرى من حيث طريقة 
التعليم.
والبغدادي يستطيع الكتابة على أي طريقة من طرق الخط العربي من النظرة الأولى ... ولكن كراساته الثلاث لها طابع خاص من المدرسة البغدادية بأسلوب البغدادي المتفرد.
فتراه يكتب بقوة سامي التركي ورشاقة شوقي وتراكيب نظيف وحامد... ونستطع مشاهدة ذلك في لوحاته وحليه الرائعة المنتشرة في أنحاء العالم ويمتلك البغدادي عزة وإباء لا يمتلكهما غيره .. متواضع وبسيط وذو قلب
طيب.
والكراسات التي أنتجها البغدادي الأولى ميزان الخط العربي, والثانية كراس النسخ المصحفي وهي رائعة متخصصة في خط النسخ تشريحاً وتفصيلاً , والثالثة هي كراس تحفة الميزان لمجموع الخطوط العربية وبإخراج جديد لا يشابه الكراسات الأخرى وهي أجمل وأروع لأنها كتبت بنسبة 11 وفي ذلك صعوبة يعرفها كل خطاط محترف.