المستشرقة آنا ماري شيمل

ثقافة 2022/01/26
...

 بغداد: الصباح
 
تمر هذه الأيام ذكرى رحيل المستشرقة الألمانية آنا ماري شيمل.. التي غامرت بتعلم اللغة العربية منذ ثلاثينيات القرن الماضي واستمرت في خدمة الثقافة العربية والإسلامية لسبعين عاماً.  وأتاحت لها حياتها المديدة التعرف على الثقافات التركية والهندية والعربية والأفغانية وغيرها.. كما ساهمت عبر كتبها المهمة في التعريف بإبداعات العرب والمسلمين مثل جلال الدين الرومي.. وأصدرت سيرتها بعنوان الشرق والغرب: حياتي الغرب ـ شرقية ترجمها عبد السلام حيدر وأصدرها المركز القومي للترجمة في مصر.
ولدت آنا ماري شيمل في 7 أبريل 1922 في إرفورت وسط ألمانيا لأسرة بروتستانتية تنتمي إلى الطبقة الوسطى. كان والدها من أسرة من صناع النسيج ولكنه كان عاملا متوسطاً في خدمة البريد والتلغراف. أما أمها فتنتسب إلى مكان صغير بالقرب من بحر الشمال وإلى أسرة من قباطنة السفن المستقلين الذين يطوفون بحار المعمورة طلبا للرزق.
ونشأت كطفلة وحيدة في جو تسيطر عليه غبطة الحياة وحب الشعر. وكانت منذ طفولتها شغوفة بكل ما يتعلق بالشرق ومعجبة بكل ما هو روحاني وصوفي في الإسلام والأديان الشرقية الأخرى.
بدأت في تعلم العربية في عام 1937 وكانت ما تزال في الخامسة عشرة من عمرها وتلقت إلى جانب العربية دروسا في مبادئ الدين والتاريخ الإسلاميين. وإلى جانب ذلك كانت تتعلم الفارسية والتركية وكذلك الأوردية.
في عام 1939 نزحت مع الأسرة إلى برلين وفيها بدأت دراستها الجامعية للاستشراق. وبعد عام بدأت العمل على رسالتها للدكتوراه حول مكانة علماء الدين في المجتمع المملوكي تحت إشراف ريشارد هارتمان وانتهت منها في 1941 وهي في التاسعة عشر من عمرها ونشرتها عام 1943 في مجلة عالم الإسلام تحت عنوان الخليفة والقاضي في مصر في العصور الوسطى المتأخرة. وفي عام 1941 عملت كمترجمة عن التركية في وزارة الخارجية الألمانية. وفي وقت الفراغ واصلت اهتمامها العلمي بتاريخ المماليك حتى تمكنت من عمل فهارس لتاريخ ابن إياس. وفي 1945، قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية بقليل، انتهت من رسالة الدكتوراه في جامعة برلين عن الطبقة العسكرية المملوكية.
حصلت عام 1951 على دكتوراه ثانية تحت إشراف هيلر عن مصطلح الحب الصوفي في الإسلام. ثم ترجمت بناء على طلب بعض علماء الاجتماع الألمان مقاطع طويلة من مقدمة ابن خلدون. في عام 1961 وجدت درجة أكاديمية في جامعة بون فانتقلت إليها حيث أصبحت منذ ذلك الوقت مدينتها. 
كما اهتمت بإحياء الاهتمام بتراث الشاعر والمستشرق-المترجم فريدريش روكرت فقامت بتحقيق أعماله وكتابة ترجمة لحياته أعادت إليه الشهرة كأهم ناقل للآداب الشرقية إلى الألمانية. وفازت عام 1965 بجائزة فريدريش رويكارت التي تمنحها مدينته (شفاينفورت) في جنوب ألمانيا. وأحرزت عام 1995 وكأول مستشرقة ودارسة للإسلام، جائزة السلام الألمانية التي يمنحها اتحاد الناشرين الألمان ويسلمها رئيس الدولة الألماني.
وفي سنواتها الأخيرة نشرت وصفا لرحلاتها إلى باكستان والهند. كما نشرت سيرتها الذاتية التي ترجمها إلى العربية د. عبد السلام حيدر بعنوان (شرق وغرب: حياتي الغرب - شرقية - 2004)، توفيت في بون 
عام 2003.