أسعار العقار مذهلة !

اقتصادية 2022/01/30
...

 ياسر المتولي 
 
تثير الأسعار المذهلة للعقار في العراق تساؤلات مشروعة وتبحث عن اجابات واضحة وصريحة. وتختلف الاجابات وفقاً لتخصصات المتحدثين السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية، وكل له أهدافه.ما يعنينا هنا في هذه الصفحة الشق الاقتصادي تبعاً لاهتماماتي وتخصصي وتخصص الصفحة وهذا المهم. نستمع الى اجابات مختلفة ومتنوعة منها ما تذهب الى أن غسيل الأموال قد يكون السبب المباشر لهذا الارتفاع، وآخرون يرون ان السبب هو فاعلية نظرية العرض والطلب. تعالوا لنناقشها كلا على حدة، ففي الوقت الذي تشير فيه الاصابع الى غسيل الاموال يأتي الجواب من أعلى الجهات الرقابية في العالم الى ان العراق خارج الدول المتهمة بغسيل الاموال، وفقاً لآخر تصنيف صدر قبل ايام وهذا ما يدحض هذا الرأي رغم انه لايمكن نفي وجوده. واذا وقفنا عند أصحاب الرأي الآخر والمتعلقة بالعرض والطلب فإن الحقائق قد تذهب الى هذا الجانب بنوع من الصحة والدقة.ودليل هذا الافتراض هو عمق أزمة السكن التي يعاني منها العراق والمحاولات السابقة التي باءت بالفشل لفقدان التخطيط بحلول واقعية تنسجم وحجم المشكلة. الآن هناك بوادر نجاح على طريق محاولة حل هذه الأزمة المستعصية من خلال اجراءات تبدو تسير بالاتجاه الصحيح نحو الحل، مع التأكيد أن الحل ليس بالامر اليسير والهين إنما يتطلب الوقت والدقة والتخطيط الملتزم لاستثمارهذا التوجه على نحو يحقق الهدف.
وأبرز هذه الاجراءات دخول البنك المركزي العراقي بقوة لايجاد مخرج حقيقي من هذه المشكلة بمبادرته تقديم قروض السكن بشكل منظم وهادف يضمن الحل الأمثل من حيث المبدأ من خلال التسهيلات والدعم للمقترضين من دون فوائد ومدد زمنية معقولة واقساط مجزية.
ونعتقد أن هذه المبادرة الرائعة ستسهم بتحقيق اهداف تنموية متنوعة لا مجال لذكرها هنا. والرهان على نجاح البنك المركزي أنه أقحم شركات التأمين الوطنية لضمان القروض وحمايتها لحقوق المواطن من جهة، ولضمان حقوق الدولة في تقاسم المخاطرالمحتملة جراء أزمات الرهن العقاري.ومعروف أن أكبر أزمة مالية عالمية عصفت بالاقتصاد العالمي كانت بسبب أزمة الرهن العقاري في أكبر دولة في العالم اميركا، وألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي في العام (2008)، فيجب أن نقف عندها ونستخلص العبر من نتائجها. وهنا نؤكد اهمية التخطيط والتفكير الستراتيجي لحل الأزمة، وهذا ما ألمسه بتوجهات المركزي بتنويع قروض السكن بين المشاريع السكنية لمحدودي الدخل وبين القروض في الاستثمار السكني الذي يوجه لمرتفعي الدخل.نعتقد أن هذا النمط من التوجه صحيح ولكن تبقى هذه المبادرات بحاجة الى دعم وجهود أجهزة الدولة المختلفة، فالمجالات المتعلقة بكل أنواع السكن مجمعات سكنية او قروض السكن الخاص، أقصد بناء قطع الاراضي السكنية تحتاج الى تخطيط المدن واعادة تصميمها على وفق الاحتياجات ومتعلقات البنى التحتية ودراسات البيئة واستثمار الارض ونوعها.الحاجة تقتضي دراسة هذه الجوانب بمشاركة الجهات المعنية والاستئناس بخبراء الاقتصاد ونقابة وجمعية المهندسين والمستثمرين لوضع الخطط الناجحة. وهناك سبب آخر للارتفاع يتعلق بالأموال المكتنزة خارج البنوك تعد سبباً آخر، وإلا كيف تتصور أسعار العقار في بغداد أعلى من أسعار العقار في لندن 
وغيرها.