بغداد: حيدر فليح الربيعي
حدد مختصون بالشأن الاقتصادي، جملة أسباب لارتفاع مستويات التضخم في البلاد، وبلوغها معدلات وصفوها بـ “الخطيرة”، واضعين في مقدمة تلك الأسباب زيادة أسعار المواد الغذائية والخدمات الصحية والنقل والكهرباء، مؤكدين ان مستويات التضخم المرتفعة، قضمت ما يقارب 22 % من القدرة الشرائية للمواطن، وأدت الى زيادة نسب الفقر، وفي حين اتفقوا على أن تغيير سعر الصرف، يعد المسبب الرئيسي لارتفاع نسب التضخم، شددوا على ضرورة اطلاق المزيد من المبادرات الهادفة لإنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة، لا سيما في القطاعات الصناعية والزراعية والاستثمارية.
وأظهرت آخر احصائية نشرتها وزارة التخطيط، حصول ارتفاع في معدلات التضخم السنوي بلغت نسبته (8.4 %) الامر الذي يمثل “ناقوس خطر” لعدد من خبراء الاقتصاد، الذين حذروا من مخاطر تنامي معدلات التضخم على الاقتصاد الوطني بشكل عام.
مخاطر اقتصاديَّة
ورغم الآثار السلبية الكبيرة التي يخلفها التضخم على الاقتصاد الوطني بشكل عام، بيد أن الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، يرى أن زيادة معدلاته لها تأثير مباشر على حياة المواطن، وتؤدي الى ارتفاع نسب الفقر، وتشل زيادة الناتج المحلي للفرد. ولفت العبيدي، الى أن “قياس مستوى ارتفاع الأسعار لكل مادة او خدمة، يتم بعد قياس مستوى تأثيرها على المواطن، فنسبة اهمية قطاع الاغذية تبلغ قرابة 28 % للمواطن، يليها قطاع السكن والايجار والذي تمثل أهميته بمقدار 17 % . وأشار الخبير الاقتصادي، الى أن “نسب التضخم في العراق، ارتفعت في قطاعات مهمة، منها التي تشكل اهمية كبيرة كقطاع الأغذية، فضلا عن قطاعات مهمة وضرورية لحياة الناس، كقطاعات الصحة الكهرباء والمياه، والتي شهدت ارتفاعات واضحة.
الأمن الغذائي
ويرى العبيدي، أن قطاع الأغذية يلعب دورا مهما في عملية ارتفاع نسب التضخم، لما له من اهمية نسبية كبيرة، الأمر الذي يحتم العمل على تحقيق الأمن الغذائي من خلال تبني مشاريع زراعية وصناعية وزراعية وزيادة الانتاجات المرادفة كالتعليب والخزن، مؤكدا أن تلك الخطوات من شأنها أن تسهم في تخفيف ارتفاع الأسعار عالميا، وتوفر للعراق الأمن الغذائي بعيدا عن المؤثرات الخارجية، وبعيدا عن تأثير سعر الصرف.
ولفت الخبير، الى ان “القطاع الصحي والسلع والخدمات الأخرى وامدادات الكهرباء، هي من أكثر القطاعات ارتفاعا في الأسعار، إذ شهدت زيادة بنسب أكثر من 30 % وهذه النسب تتطلب تدخلا حثيثا من مختلف الجهات لتقليلها”.
استثمار الأموال
وبهدف تقليل آثار التضخم على الاقتصاد العراقي، حث العبيدي على ضررة استثمار الاموال الفائضة للدولة واحتياطات البنك المركزي، لإطلاق مبادرات تعمل على إنشاء مختلف المشاريع التي يمكن ان تسهم في تقليل نسب التضخم، والسعي بشكل جدي لايجاد فرص عمل حقيقية انتاجية تبعدنا عن دولة “الرعاية الاجتماعية” التي نعيشها اليوم، لا سيما مع ارتفاع نسب البطالة التي تحولت من مشكلة الى كارثة حقيقية ترتفع مع دخول أكثر من 500 ألف شخص الى سوق العمل سنويا. كما شدد العبيدي، على اهمية “الاستثمار في التعليم” مؤكدا ان رأس المال البشري هو أحد العوامل المؤثرة في ارتفاع نسب البطالة، وعليه يجب العمل على وضع ستراتيجيات حقيقية لتنفيذ مشاريع التعليم ترفع من معدل رأس المال البشري الذي سيسهم في تقليل معدلات البطالة بشكل كبير”.
سعر الصرف
بدوره، عزا الخبير الاقتصادي، الدكتور علي هادي النصّيفي، بلوغ نسب التضخم تلك المستويات، الى تغيير سعر الصرف وتخفيض قيمة العملة المحلية بنسبة 22 % بالتوازي مع حجم فاتورة الواردات الاجنبية الكبيرة والتي تمول بالدولار، مؤكدا أن ذلك أدى الى فقدان المواطن نسبة من القوة الشرائية لدخله أكبر بكثير من نسبة تخفيض قيمة العملة بسبب عدم السيطرة على الأسواق وارتفاعها الفاحش، مبينا أن ذلك الارتفاع دفعت ثمنه الشرائح محدودة الدخل، ومن ثم قاد الى توسع فجوة الفقر وزيادة حجم البطالة. كما أشار النصّيفي، الى جملة أسباب أخرى قال إنها أسهمت بزيادة معدلات التضخم الى تلك النسب التي وصفها بـ “الخطيرة” بضمنها “غياب دالة الإنتاج، واقتصار الصادرات على الموارد النفطية، وارتفاع التكاليف على المتطلبات السلعية، وارتفاع الضرائب”.
مقترحات وحلول
وبهدف الحد من آثار التضخم، والتقليل من معدلاته المرتفعة، اقترح الخبير النصّيفي، جملة نقاط دعا الحكومة الى تطبيقها، واضعا في مقدمة تلك النقاط، تعضيد برنامج البطاقة التموينية، والعمل على “البدل النقدي” محل السلعي على ان يراعى قيمة السلع في السوق، وكذلك اعادة العمل ببرنامج الاسواق المركزية المدعومة، وتفعيل برنامج مراقبة الاسواق، وخفض الضرائب والجمرك على بعض الأنشطة الإنتاجية. كما دعا الخبير الاقتصادي، الى خلق ستراتيجية لتحليل القطاعات الأكثر تضخماً وعلى تماس مع متطلبات الطبقات الاقتصادية الهشة ومحاولة دعمها، السعي الى ضخ سيولة مالية على شكل مبادرات تمويل للمشروعات الصغيرة لا تقل عن 10 ترليونات دينار للحد من البطالة ولتقليص فجوة الفقر قبل أن يصنف في مديات المُدقع الخطيرة.