عبدالزهرة محمد الهنداوي
عندما تحدث وزير المالية، عن احتمال تراجع الحاجة الى النفط، في السوق العالمية، كان كلامه إعادة لقرع جرس الانذار، من تداعيات الوضع الاقتصادي، الذي يمكن أن يؤدي الى تسريح الموظفين، وقد مررنا بمثل هذا الحال أكثر من مرة، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي ضجّت بالعويل، ودعت بالويل والثبور، متهمة الوزير بإثارة الرعب والهلع لدى الناس، ومن ثم قد يتسبب ذلك بخفض مستوى المناعة لديهم، في وقت ما زال فيروس كورونا بمتحوره الجديد "اوميكرون" يضرب في كل حدب وصوب!!، وواقعا إن ما قاله الوزير، ليس جديدا، إنما هو تكرار لما يقوله الخبراء، ووزارته أكثر الجهات معرفة بايرادات البلد ومصادر تلك الايرادات، التي، مازال النفط يمثل مصدرها الرئيس، وما زالت الرواتب والأجور تستحوذ على النسبة الأعظم منها، وفي جميع الأزمات، مطلوب من هذه الوزارة، تأمين متطلبات الانفاق الاستهلاكي الذي يعدّه الجميع خطّاً أحمر، لا ينبغي المساس به باي حال من الاحوال، لذلك وخلال نشوب الازمتين الماليتين عامي ٢٠١٤، و ٢٠٢٠، كان الاقتراض الداخلي والخارجي، هو الحل الاضطراري لمواجهة العاصفة.
أما الآن، وقد تعافت أسعار النفط، تعالت الأصوات من جديد، وهي تطالب الحكومة بزيادة الانفاق، ومثل هذه الاجراءات من شأنها ان تؤدي الى حالة من الخدر، في القطاعات غير النفطية، تشبه الى حد كبير تعامل الناس مع أخذ لقاح كورونا، فعندما ترتفع الاصابات تتزايد اعداد الملقحين، وعندما تنخفض الاصابات، ينسى الناس اللقاح!، غير مدركين ان تكرار الاصابة بالفيروس، تُضعف المناعة، ولذلك أقول، ينبغي أن نأخذ تحذيرات وزير المالية على محمل الجد، عبر الإفادة من ارتفاع أسعار النفط، في تمويل الصناديق السيادية، او على أقل تقدير، يُصار الى استقطاع دولار واحد عن كل برميل نفط، مضروبا في حجم التصدير اليومي، ولنا أن نتصور مقدار المبالغ التي ستتراكم خلال سنوات قليلة، ليتم توجيهها لاحقا، نحو تحقيق تنمية حقيقية في البلاد، هذا فضلا عن فتح آفاق واسعة للاستثمار في جميع القطاعات التنموية، ومن المؤكد أننا سنكون خلال عشر سنوات، في وضع مختلف تماما عما نحن فيه اليوم، ولنا في تجارب البلدان، أسوةً حسنة.