بغداد: حيدر فليح الربيعي
حدد مختصون بالشأن الاقتصادي، جملة أسباب لتراجع النشاط الاستثماري في العراق، واضعين في مقدمة تلك الأسباب، ضعف القوانين والتشريعات المحفزة، وتراجع أداء القطاع المالي، لا سيما في مجال منح الائتمانات، فضلا عن الوضع السياسي والأمني، مشددين على ضرورة توفير البيئة الملائمة لجذب الشركات العالمية، والعمل على تنشيط الاستثمار في المجالات البتروكيمياوية والزراعية والصناعية، لافتين في الوقت ذاته، الى أهمية تلك الجوانب الحيوية في النهوض بالاقتصاد العراقي ومكافحة البطالة والتضخم، وتنوع مصادر الدخل الوطني. وجاءت دعوات الاقتصاديين، في ذات الوقت الذي كشفت خلاله وزارة التخطيط عن توجهها لإنشاء "بنك المشاريع التنموية" الذي يتيح الفرصة أمام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة، والمحافظات، ترتيب اولويات المشاريع الاستثمارية المستقبلية.
القطاعات غير النفطيَّة
ويرى الخبير الاقتصادي، الدكتور عبدالرحيم الشدود، خلال حديثه لـ "الصباح" ان "عملية التنمية الاقتصادية في العراق لا تكتمل إلا من خلال النهوض والاستثمار بالقطاعات غير النفطية، والاهتمام بالاقتصاد المعرفي"، مبينا أن تلك الخطوات "يمكن أن تبقي الايرادات النفطية مدخرة في صندوق سيادي من أجل تحقيق أعلى المردودات ومن خلاله نضمن تنمية مستدامة للأجيال المقبلة".
ويؤكد الشدود اهمية تفعيل الواقع الاستثماري، نتيجة لعدة عوامل، أبرزها التدهور الحاصل في القطاعات الاقتصادية الاساسية في العراق، وفي مقدمتها الزراعة والصناعة، إذ إن هذه القطاعات لا تسهم إلا بجزء بسيط جدا في الناتج الاجمالي للبلاد، وجرى الاعتماد على الاستيراد من الخارج بدلا من تشجيع الاستثمار في هذه القطاعات والمساهمة في عملية التنمية وسد حاجة السوق.
توفير البيئة المشجعة
وشدد الخبير الاقتصادي، على ضرورة أن تتجه الحكومة للعمل بجدية على توفير البيئة المشجعة للاستثمار، وتوفير المناخ السياسي والقانوني والاجتماعي الصالح، والعمل ضمن خطة مبنية على المعرفة التامة بأوضاع البلاد واحتياجاتها ومستلزمات تنفيذها، وجعل الاولويات التي يحتاجها المجتمع في مقدمة الاهتمامات في مجال الاستثمار.
ويرى الشدود، أن "قطاع الطاقة يبرز ضمن أبرز الأولويات الاستثمارية، فهناك حاجة حقيقية وملحة للعمل الجاد على زيادة انتاج النفط وبناء المصافي وتشغيل ما موجود منها بطاقة مناسبة، وكذلك تشجيع الصناعات البتروكيمياوية، فضلا عن الغاز المتوفر بكميات كبيرة في العراق، مؤكدا رغبة العديد من الشركات العالمية للمساهمة والعمل والاستثمار في هذه القطاعات، داعيا في الوقت ذاته، الى تحريك عجلة الاستثمار في مجالات الإسكان والصناعة والزراعة والسياحة.
معوقات قدوم الشركات
بدوره، ذكر عضو جمعية الاقتصاديين العراقيين، الباحث مقدام الشيباني، أن العراق يتسم بوجود مقومات داعمة لعملية استقطاب رؤوس الاموال والاستثمارات، ذلك لتوفر الموارد الطبيعية كالنفط والغاز والموارد البشرية والأراضي والموقع الجغرافي، إلا أن عوائق الاستثمار عديدة، وتعود لجملة أسباب منها ما ذكره تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر من مجموعة البنك الدولي والتي تتعلق بالكلفة والوقت والاجراءات لبدء النشاط التجاري واستخراج تراخيص البناء والحصول على الكهرباء وتسجيل الملكية والحصول على الائتمان وحماية المستثمرين والتجارة عبر الحدود.
وأوضح الشيباني، أن عدم الاستقرار السياسي والأمني، يعد معرقلا أساسيا أمام قدوم الاستثمارات، إذ يعد الاستقرار احد المحددات الرئيسة في اتخاذ القرار الاستثماري الذي يبحث عن البيئة المستقرة، وكذلك ضعف القطاع الخاص الحاصل بسبب دور الدولة في الحياة الاقتصادية في العراق، فضلا عن انخفاض كفاءة البنية التحتية، إذ يعاني الاقتصاد العراقي من تخلف واضح في البنية التحتية.
ضعف القوانين والتشريعات
كما أوضح الشيباني، أن ضعف القوانين والتشريعات المحفزة للاستثمار، أسهمت هي الأخرى بنفور الشركات العالمية وعدم دخولها السوق العراقية، مبينا ان قانون الاستثمار رقم (13) يمثل خطوة مهمة في مجال جذب الاستثمارات، بما تضمنه من امتيازات وإعفاءات، غير ان القوانين والانظمة والتعليمات الخاصة بالجهات القطاعية المعنية بمنح الموافقة على المشاريع الاستثمارية تتضمن بعض نقاط الضعف، والتي شكلت عائقاً أمام الاستثمار المحلي والأجنبي نتيجة قدم هذه التعليمات التي لا تتناسب مع التطورات الفكرية والتكنولوجية في العالم.
وأشار الباحث الشيباني، الى أن ضعف القطاع المالي في العراق، أسهم بتأخر الجانب الاستثماري، إذ لا يزال هذا القطاع من دون المستوى المطلوب، ويفتقر إلى الكفاءة اللازمة التي تمكنه من ان يؤدي دورا فاعلا في الاقتصاد العراقي، من حيث تأثيراته في توفير الائتمان اللازم والسيولة للقطاع الخاص المحلي والأجنبي.
بنك المشاريع التنمويَّة
وفي سياق متصل، أكد وزير التخطيط، الدكتور خالد بتال النجم، أن الوزارة تبذل جهودا استثنائية من اجل تسهيل الاجراءات لضمان تنفيذ المشاريع الاستثمارية المستمرة، وفقا لتوقيتاتها الزمنية وتخصيصاتها المالية، مبينا أن هناك عددا من المشاريع المتوقفة لأسباب مختلفة، ما يتطلب ايجاد الحلول والمعالجات لضمان استئناف العمل في هذه المشاريع، بعد تحديد نسب الانجاز في كل مشروع.