فوائض واصلاحات

اقتصادية 2022/02/06
...

 ياسرالمتولي 
 
دورة الأسعار التي تطال الثروة النفطية حول العالم تتحقق تبعاً للأحداث السياسية تارة والمتغيرات الجوية تارة أخرى،  وتتلخص بمفهوم نظرية العرض والطلب في ما مضى من الزمن، إلا أن هذا المفهوم دفعنا الى وصفها في مقال سابق بعنوان (الخداع النفطي). من هنا ننبه الى ضرورة عدم الاعتماد على الريع النفطي وسيلة واحدة للعائدات والموارد المالية؛ كي لا يعاد سيناريو الضغوط والحاجة الى الاقتراض الخارجي المقيد للاقتصاد والخضوع للاملاءات التي تبقي البلدان متخلفة وتحت رحمة الدول الكبرى المتحكمة بالاقتصاد العالمي . نعتقد الآن أن فرصة تعافي الأسعار مواتية يتعين استثمارها بالشكل الأمثل لتحرير الاقتصاد من التبعية لصراعات الكبار والمضي في مسار متحرر من أي تبعية اقتصادية .
فوائض عوائد النفط المتحققة جراء تعافي الأسعار في هذه الفترة (الفرصة) يجب التعاطي معها بعيداً عن من يدفع باتجاه (اصرف ما في الجيب، يأتيك ما في الغيب)، إنما يتعين توجيهها للاستثمار الرشيد الذي يضمن مستقبلا زاهرا للمواطن وللاجيال المقبلة، وذلك من خلال حفظ هذه الأموال في صناديق سيادية استثمارية آمنة تحقق نموا متوازنا للاقتصاد عبر تفعيل القطاعات الانتاجية والخدمية بما يعالج البطالة المقيتة ومكافحة الفقر وتنويع مصادر الدخل .
إنَّ الصناديق السيادية تعد مصدات قوية لكل عواصف الأزمات المالية والأحداث الساخنة (القرش الابيض ينفع باليوم الاسود).
تشير الأسعار المعلنة الى عوائد وفوائض كبيرة يتعين توجيهها نحو تفعيل النفقات الاستثمارية لتعزيز عمليات التنمية المطلوبة وعدم التوسع بالانفاق التشغيلي الذي يأكل كل الزيادة، وحذاري من الخداع النفطي مجدداً والحديث يخص الموازنة غير المقرة  .
الحاجة تقتضي وضع خطط تنموية قصيرة ومتوسطة الأمد لتفعيل القطاعات الانتاجية التي تتطلب إقرار مشروعات حمائية سريعة لدعم الانتاج الوطني بشقيه الزراعي والصناعي؛ لتحقيق اهداف عديدة من بينها -فضلا عما ذكرناه- تحقيق الأمن الغذائي المهدد عالمياً أيضاً . المطلوب إعطاء وزارة التخطيط الدور الأكبر في تحديد حاجة المحافظات من المشاريع الستراتيجية بعد دراسة طلبات المحافظات، بما يضمن توزيعها بشكل منظم للحد مع توجهات الفوضى في التوزيع الجغرافي للمشاريع، بما يضمن التكامل الصناعي والخدمي على نحو يحقق العدالة من دون مس الصلاحيات التنفيذية للمحافظات، إنما يقتصر دور التخطيط في تحديد الأولويات والاحتياجات بشكل منظم ومرسوم يستبعد تكرار المشروعات المتشابه إلا بما يضمن مصالح كل محافظة.
هذا المسار في الإصلاح الاقتصادي المفترض والمنتظر هو من المهام والاولويات التي نضعها أمام طاولة الحكومة والبرلمان الجديدين، وهذا يفتح الباب أمام مناقشة اولويات المسار السليم للإصلاح الاقتصادي.