عمر سعد سلمان
تعاني العديد من دول العالم من شبح البطالة منذ عشر سنوات، وتزداد المخاوف بارتفاعها خصوصاً وان فئة الشباب هم الأكثر معاناة منها. ولا يمكن معالجة البطالة من دون زيادة معدل النمو الاقتصادي والذي يتطلب تحفيز أداء مختلف القطاعات الاقتصادية التي تتحرك عبر دعم القطاع الصناعي.
قد يتساءل القارئ لماذا القطاع الصناعي هو المحرك الأساسي للنمو ومفتاح معالجة البطالة؟، لان القطاع الصناعي لديه قدرات إنتاجية ضخمة وقيمة مضافة عالية، وهناك ترابط وتشابك قوي مع مختلف القطاعات الاقتصادية الأخرى (الزراعة، النقل، الفنادق، الاتصالات، الانشاءات، تجارة التجزئة، الكهرباء)، فضلا عن أنها الجاذب الرئيس للاستثمار بفعل قدراته التصديرية العالية، ومن ثم يمكن للقطاع الصناعي ان يكون داعما رئيسا لايرادات خزينة الدولة التي تحصل على الضرائب والرسوم.
ويعد القطاع الصناعي هو الأقدر على استحداث فرص العمل لان كل مشروع صناعي جديد يوفير 13 فرصة عمل في حين ان كل منشأة جديدة في القطاعات الأخرى توفر 3 فرص عمل فقط، فالناتج الإجمالي المحلي يتكون من (الاستثمار / الميزان التجاري/ الانفاق الحكومي/ الاستهلاك) والذي يرتفع بشكل سريع عبر هذا القطاع الحيوي الذي يحتاج الى تحفيز لاطلاق العنان لقدراته.
ولكي نستطيع تطوير القطاع الصناعي في البلاد يستلزم اتباع عدد من الإجراءات على المدى القصير تبدأ بتعزيز القدرات التصنيعية عبر خفض تعرفة الكهرباء للمنشآت الصناعية لإضفاء ميزة تنافسية تمكنها من مواجهة البضاعة الأجنبية المستوردة، فضلا عن اخضاع وكلاء الشحن الى جهة قطاعية تقوم بضبط عملية تسعير اذونات التسليم، ومن الضروري إلغاء بدل الخدمات الجمركية على مدخلات انتاج المصانع لتخفيف الأعباء المالية على القطاع الصناعي وتعزيز تنافسيته.
ويحتاج القطاع الصناعي الى تخفيض نسبة اقتطاعات الضمان الاجتماعي قياساً ببقية القطاعات الأخرى. ومعالجة التشوهات الضريبية.
ويتمحور دعم القطاع الصناعي على المدى المتوسط على (تعزيز المبيعات المحلية والخارجية) فالتصدير المحور الأسرع لدفع النمو، وهناك فرص غير مستغلة للتصدير الى جميع دول العالم التي تؤدي الى خلق ثلث الوظائف الضرورية للتوظيف الكامل للمواطنين من خلال التصدير (42% وظائف مستحدثة و32% وظائف مباشرة و26% وظائف غير
مباشرة).
وهنا من الضروري حماية المنتج الوطني داخل السوق المحلية عبر مجموعة من التشريعات والقوانين خصوصاً الصناعة الغذائية التي تعد أحد مستلزمات الاكتفاء الذاتي لأي بلد، ورفع نسبة الأفضلية للصناعات الوطنية في أي مناقصة حكومية وإلزام المؤسسات الحكومية بشراء 85 % من احتياجاتها من المنشآت الكبيرة و15% عن طريق المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ويحتاج القطاع الصناعي الى دعم طويل الأجل يركز على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتوسيع القاعدة الإنتاجية عبر تحديد أنشطة صناعية وقطاعات ذات أولوية لجذب الاستثمار تضمن قيمة مضافة عالية، نقل تكنولوجيا حديثة، استحداث وظائف للمواطنين، وهنا لا بد من تطوير منظومة حوافز استثمارية لهذه الأنشطة غير تقليدية وتوعية تراعي معايير أساسية: (حجم الاستثمار، فرص العمل المستحدثة، المستوى التكنولوجي)، ومن المهم التركيز على جذب الاستثمارات التي تستطيع توفير المواد الأولية اللازمة للصناعة الوطنية، وانشاء وحدة متخصصة بمتابعة قضايا المستثمرين في هيئة الاستثمار.