ثورة العقل

آراء 2022/02/12
...

 عدوية الهلالي
 
هل يجب أن نخاف من كل شيء؟ ربما تكون الاجابة على هذا السؤال مخيفة أكثر من السؤال ذاته، العالم حولنا مثل بحر هائج، ونشعر أحيانا وكأن جدرانه تهتز ما يجعل العديد من البشر في حالة من الذعر. 
هنالك ثورة تكنولوجية واقتصادية وبشرية، ولكن، هنالك ثورة ذهنية أيضا فالكل يتساءل عن السبب الذي جعل عالمنا المعاصر يتغير ونتغير معه، لدرجة افتقادنا أبسط الاشياء التي عشناها في فترة سابقة، كأن تكون فترة طفولتنا او شبابنا أو سنوات دراستنا الجامعية، الكل يشعر بالحنين والخوف أيضا، الخوف من الوحدة والغربة وقسوة الزمن والاخرين. 
لم يكن العالم معقدا الى هذا الحد من قبل، ولم يتطلب تحولنا الكثير من التفكير العميق بل حصل فجأة وفي غفلة منا، لكن العودة الى العيش في بيئة آمنة خالية من الشك والذعر يحتاج منا الى الكثير من الجهد العقلي من خلال تقبل الواقع قبل كل شيء والتعايش معه والنجاح في التعامل معه، نحتاج قبل كل شيء الى استعادة ثقتنا بالآخرين وتغيير قواعد حياتنا بما يلائم العالم المعقد الذي نعيشه، كما نحتاج الى التغلب على الشك لاستعادة روح الأمل وتخيل العالم من منظور وجود فرص جديدة بدلا من منظور مخاوفنا وقيودنا.
أتساءل، هل يجب أن يكون الخطر وشيكا حتى نستيقظ ؟هل يجب أن يكون مرئيا ومحسوسا وأن يشكل مصدر تهديد لنا؟ المشكلة هي أن الخطر موجود بالفعل، وصوته مرتفع لكنه غير مرئي، لذلك يعتقد العديد منا ان هنالك متسعا من الوقت لنستعيد لحظاتنا الجميلة، نحن نخوض حاليا حربا زمنية اسلحتها المال والسلطة، ولكي نواجهها نحتاج الى الجرأة والثقة والعديد من العناصر الأخرى التي لا يمكن للمال شراءها، لأنها تعتمد على ثورة العقل فقط، فاذا حاصرتنا اسئلة مثل: ماذا نبني عندما نعتقد ان كل شيء مستحيل ؟ الى أين نذهب عندما نعتقد ان كل شيء صعب؟ وكيف سنصبح عندما يكون المجهول مصدر ذعرنا الدائم؟ فهل سيمكننا نبذ الخوف ومواجهتها والاجابة عليها وكيف سنضع حدا لدوامة الخوف لنتمكن أخيرا من احتضان العالم ومواجهة تحديات الواقع؟ لا بد هنا أن نولد من جديد بجرأة وأمل كبيرين، لنتمكن من فك رموز العالم المعقدة، بدلا من العيش فقط على الحنين الى أيام البراءة 
والبساطة.