أول عيد للحب

ثقافة 2022/02/14
...

 لؤي الشقاقي
 
في كل عام، يُثار الجدل عن حرمة الاحتفال بعيد الحب (فالنتاين) من عدمه، وربما يعود هذا إلى أن الأغلبية لا يعرفون أصل هذا العيد، الذي تحتفل العديد من دول العالم في يومه 14 من فبراير/ شباط به.
إن جذور هذه المناسبة ترتبط بالديانة المسيحية، لكن تحديد موعد يشكل خلافاً بين المذاهب الدينية لاختلافها، فالكنيسة الشرقية على سبيل المثال تحتفل بعيد الحب في 6 يوليو/ تموز، بينما الغربية فتفضل أن يكون الاحتفال في 14 من فبراير/شباط.
وبالعودة للتاريخ القديم، يتبين أن ثلاثة أشخاص يحملون اسم فالنتاين، قد تُوفوا في الـ 14 من فبراير/ شباط، وأعتبرهم أبناء الديانة المسيحية (شهداء) في بداية ظهور هذ الديانة، أما القديسان اللذان يجري تكريمهما في هذا التاريخ تحديداً، فالأول فالنتاين الذي كان يعيش في روما وقتل عام 269، والثاني هو فالنتاين الذي عاش في مدينة تورني عام 197. 
وطبقاً لسير القديسين الأصلية، فلا يوجد أي حديث عن الرومانسية والحب لهما، لكن في القرن الرابع عشر أصبح اسم القديس فالنتاين مرتبطاً بالرومانسية.  
وفقاً لروايات أُخذت من السجلات الكنسية والتاريخية أنهُ تم اضطهاد القديس فالنتاين بسبب إيمانه بالديانة المسيحية ودعوات تبشيره بها، إذ عمد الإمبراطور الروماني كلوديس الثاني الى استجوابه بنفسه، وحينما التقى الإمبراطور فالنتاين حاججه بالتحول إلى الوثنية التي كان يؤمن بها الرومان آنذاك لينجو بحياته، ولكن رفض فالنتاين ومحاولاته في إقناع كلوديس باعتناق الديانة المسيحية تسبب في تنفيذ حكم الإعدام فيه، ولكن قبل تنفيذ الحكم قيل إنه تمكن من شفاء ابنة سجانه الكفيفة.
 
خيلي كار (حُب)
لكن المسيحيين ليسوا أول من احتفل بعيد للحب، فالعراقيون هم أول من جعل للحب عيداً في العهد السومري. فقبل سبعة آلاف عام، قدس العراقيون الحب وجعلوا له آلهة مثل عشتار (إنانا)، وهم أيضا أول من وضع يوم عيد للحب يحتفي ويحتفل به الجميع، وهناك حكمة سومرية، تقول: (من لا يعرف كيف يحب لا يستحق أن يعيش).
أول عيد حب رسمي مسجل ومُوثق في التاريخ كان على أرض الرافدين، ويشير النص الأدبي المنسوب إلى الملك سامسو ايلونا (ابن الملك حمورابي 1749 - 1721 ق. م) إلى أن أصول هذا العيد ترجع إلى العصر البابلي القديم. 
 ومكتوب على لوح سمي (نشيد سامسو ايلونا) واللوح مكون من 50 سطراً، وفيه الالهة إينانا والملك سامسوايلونا يتحدثان عن عيد الحب وهما جالسان الى وليمة تتخللها الموسيقى، حيث كان لهذا العيد المفعم بالحب خاصية التطهير من الذنوب وآثار الرغبات العاطفية وإدارة الطقوس المقدسة، وجاء في النص: «أنا الملك بكل حيويتي/ ومع الموسيقى التي تشرح القلب/ مكان الاستمتاع حيث الوليمة التي فيها العسل والخمر/ يبدأ إنشاد النشيد الناعم الخاص بالتعزيم/ يلائم حفلاً لعيد الحب/ الذي يزيد النزوات، حيث أرقص أنا مبتهجا/ فالملكة التي على مائدتي تحب التجمع/ فهي تطهر (المذنب)، وتعمل على إعادة الحياة الى الانسان/ السيدة الصبوحة، السيدة ذات الفأل الحسن/ كوكبة الصباح والمساء والتي تشرق في الجبال/ مليئة بالحب/ تزخر بالمفاتن/ المرأة المقدسة/ واينانا بوجها الباسق وريعان الشباب/ وعيون مبتهجة، ذات لمعة براقة، تنظر اليه/ الى سامسو ايلونا العادل/ طالما انه جميل، فهي تثير الرغبات العاطفية/ ووجهها اللامع، تبدو مليئة بالشهوة/ وتتقدم نحوه من الجانب الثاني/ فيغرم بشكلها اللذيذ/ والقلب مليء بالحنان/ فيحتضنها الملك، وتهمس إينانا/ سامسو ايلونا، أنت حجر كريم لامع، كشجرة نحبها ونقدسها/ ستنعم بسلام العيد المقدس الذي يزدان بالفرح/ سامسو ايلونا، أنا فألك الحسن/ وأنت تظهر الحماية والرعاية لي/ كل شيء مبهج واقف على العرش الملكي/ إينانا تبقى على جهة اليمين/ والى جانبها سامسو ايلونا/ يرقصان حول الكأس السحري المقدس/ وبكل هدوء يرددان النشيد المقدس/ نحن سوف نؤدي الطقوس».