أوكرانيا والهروب إلى الوراء

قضايا عربية ودولية 2022/02/15
...

علي حسن الفواز
خيار الحرب في أوكرانيا لا يشبه خيار الخوف منها،  فالرهانات ستتحول على من يُثير الهلع في الآخر، وعلى من يجعله يقبل بشروط السلام أو الاستسلام، أو بسياسة الهروب إلى الوراء.
التوقّع بغزو روسي لأوكرانيا يكشف عن نزوع غربي وأميركي لترويج التصديق بفكرة الحرب، وبالشكل الذي يجعلها مجالا لتغويل الخطر الروسي، ولإعادة العالم إلى "الصراع البارد" أو لتهميش روسيا، وإخضاعها إلى عقوبات دولية جامعة، أو ربما لتوريطها بحرب مفتوحة مع أميركا وحلفائها.
الحديث الروسي عن الهستيريا الأميركية حول الحرب، ليس بعيدا عن صناعة الدعاية المضادة، ولا عن تحويل الحلول الدبلوماسية إلى مناورة يمكن توظيفها في السياسة، وفي التقليل من شأن التهويل الأميركي والغربي بشأن الغزو، ووضع العالم أمام صراع مفتوح، من الصعب السيطرة على تداعياته.
ماحدث قبل أيام حين تبادل الرئيسان الروسي والأميركي الاتصال والحدث عن خيارات الحرب والدبلوماسية، يكشف عن مأزق سياسي، أكثر من كشفه عن خطر عسكري أو أمني، وأحسب أن تصريحات الإدارة الأميركية الساخن تذهب باتجاه استثمار حديث الحرب للتخفيف من أزماتها الداخلية، لاسيما بعد الانسحاب من أفغانستان، والعراق، وأن ما تسرب إلى وسائل الإعلام منها، وبقصدية واضحة، يكشف عن  خطابين متناقضين، أحدهما، وهو ماقاله الرئيس بوتين بالاتفاق على استمرار الحوار، مقابل ما قاله الرئيس بايدن بالتحذير، والتهديد، وبدفع التكاليف الباهظة وتحمّل العقوبات القصوى.
الخوف من الحرب، هو ما تحاول الدولة الأوكرانية التعبير عنه بخجل، فرغم حصولها على أطنان المساعدات العسكرية، والدعوم المالية، فإن هاجس القلق أصاب كثيرا من الأوكرانيين بعدوى الخوف من حرب ليست للنزهة، وهذا مادفع حكومة كييف للتصريح بأن مجالها الجوي مازال مفتوحا، فضلا عن رفضها لسياسات الإجلاء الدبلوماسي الكبير لدول التحالف الغربي، باستثناء فرنسا والمانيا، واللتين تسعيان إلى البحث عن الدبلوماسية الناجعة، وإلى البدء بحوار جاد، بعيدا عن التصعيد بخطاب الحرب والغزو، وبفتح أبواب الجحيم على الجميع، وما تطمح له روسيا أيضا التي تدرك أن العودة إلى ذاكرة غزو أفغانسان سيكون ثمنه باهظا، وخياراته السياسية لا رهان عليها.