أرق

ثقافة 2022/02/16
...

 للشاعرالإيراني محمد مختاري
 ترجمة: مريم العطار
 
ما الفرق في أن يكون المنظر الذي أمامك سجناً أم جامعة؟
عندما كان الحلم مجرد «احتلام» مشاغب
 
عندما أنصتُ إلى تشنجاتِ جسدي
عندما أشعرُ بوخزِ الإبر في باطنِ قَدمي 
أعرفُ أنّها إشارةٌ إلى أنّ هناك شيئًا ما يتدمرُ...
 
عندما تكونُ مفردةٌ واحدةٌ كثيرة
شجرةٌ ـ صخرةٌ - طائرٌ ـ رجمٌ ومشنقةٌ
إنها ظِلُّ يدٍ تؤمنُ أنّه يجبُ تطهير العالمِ من شيءٍ ما 
 
كم يجبُ البقاء في هذين المترين
ليراعى تحليل الجسم حد اللغة؟
 
إن كانت السياطُ تضربُ على باطنِ القَدم
أو أنّكَ تعاني من ضغطِ دمٍ موروث 
الوعدُ يضعُ مكانه للقلق بين الحينِ والآخر
من ظلٍّ إلى آخر 
من وريد إلى آخر 
حتى أنّه يتبعكَ إلى هذا النوم
 
أمضي مع الاحتجاج على التضخم الاقتصادي
عبر ممّر السماسرةِ
عند مفترقِ الطريق صوتٌ أجشٌّ يسألني: 
هل الفيديو أكثر تدميرًا أم قنبلة الذرية؟
حتى لو عادَ المسيحُ، يبدو أنّه يجبُ عليه بيع صليبه بالمزاد
صوتُ الجرسِ المعدني ما بين أسنانِ الذّهب وحكّة العفن في الآذان
نصيبُ جيلٍ وصلَ متأخرًا جدًا
لا السينما ولا الضيافة في التّاريخ
يكشفان عن هجومِ المستكشفين بتأخيرهم في الحضور
 
ألفُ شخصٍ يأتي
ألفُ شخصٍ يمضي
وما بين الذهاب والإياب
لا أحدٌ يتذكرُ أحدًا
الصّوتُ ليس ما تسمعهُ
الكلبُ يشعرُ بالوجدِ في الصّمتِ
واللّصُ على السّطحِ يرقصُ رقصةَ السّماع مع القَمر
 
الآن هل اللسانُ أغلى أم الفم؟
وإنَّ الحجرَ جرّبَ ألفَ مرّةٍ طريقَ الفم
عندما يتحطمُ الصّوتُ
عندما تتعفنُ الكلمةُ
عندما تكونُ الجملُ مجرد نقاط
عجوزٌ أو طفلٌ حين يقتلُ نفسه
هناك يتضحُ المعنى فقط
 
كلبٌ يقعُ في حقولِ الملح
وهذا الملحُ الذي هو متساقط
ليس ضد أولي الألباب لو القمر غير لونه
أو اللّيلُ مثل الحريةِ صدأ
الطبشورُ الأبيضُ يشيرُ إلى مكانٍ في الرأس
يبدو أنّكَ جالسٌ هنا منذ سنواتٍ
ويظهرُ أثر رفضكَ على الجّدار
ربّما لو ظهرَ أثرٌ من استسلامكَ
أنّه خبرٌ غير مكتملٍ
وأيضًا نفاد صبركَ الذي لا يهدأ
 
في تعفّن أبوابٍ تُفتحُ وأبوابٌ تُغلقُ
كتبٌ تُفتحُ وأيادٍ تُغلقُ
أيادٍ تقذفُ الحَجرَ
وطيورٌ تقفزُ من الأشجارِ 
الأشجار التي تحيلُ إلى مشانقٍ
والأفواهُ التي تلتوي
الألسنُ التي تصابُ بالصّم
صوتٌ مبهمٌ منظرٌ مبهمٌ وحلمٌ مبهمٌ
والهمهماتُ الكثيرةُ التي تنفجرُ
والحلمُ الذي يتشظى
جامعةٌ تتحلّلُ في سجنٍ
والمنظرُ الذي ينهارُ 
والحلمُ الذي يتحطمُ في العين
والعينُ الذي يُغرس فيها مسمارٌ في نقطةٍ 
ونقطةٌ تبقى مذهولةً في إناءِ الجمجمة
الجمجمةُ التي تتدحرجُ 
تتدحرجُ
تتدحرجُ.
 
كان محمد مختاري شاعراً وكاتباً ومترجماً وناقداً يسارياً إيرانياً وناشطاً في رابطة الكتاب الإيرانيين. ولد مختاري في 21 نيسان 1942 في مدينة مشهد، وقتل في 3/ كانون الأول 1998 في سلسلة من عمليات القتل المتسلسلة للكتّاب. نشط في مؤسسة شاهنامه لعدة سنوات. كان عضواً في رابطة الكتاب الإيرانيين وعضواً في مجلس إدارتها أيضاً. اغتيل في خريف عام 1998. مختاري له بحوث في أعمال الشعراء المعاصرين ولأول مرة ترجم محمد مختاري قصائد الشاعر الألماني باول سيلان إلى الفارسية وكتب
عنه.
ومن أعماله المنشورة: أسطورة زال - تبلور التناقض والوحدة في الملحمة الوطنية. والإنسان في الشعر المعاصر، أو (فهم وجود آخر) - تحليل شعر نيما يوشيج، أحمد شاملو، مهدي أخوان ثالث، فروغ فرخزاد، وتمارين في المداراة - (عشرون مقالة في إعادة قراءة الثقافة)، والعين المركبة (نظرة جديدة على رؤية الشعر المعاصر)، والملحمة في أسرار الأمة، وليد قلق العالم (150 قصيدة لـ 12 شاعراً أوروبياً)، وسبعون عاماً من الغراميات: تحليل لذهنية الغنائية المعاصرة و200 قصيدة مختارة.