لا يسرنا كعراقيين ,اذ ان معدلات الانتاج تصل حاليا الى نحو 15000 ميغا واط بينما الحاجة الفعلية تصل في اوقات الذروة خلال اشهر الصيف المقبلة الى 32000 ميغا واط اي ان العجز الحالي في معدلات انتاج الطاقة الكهربائية يمكن ان يصل الى 17000 ميغا واط وهي نسبة عجز كبيرة تعني ان حل الازمة بشكل نهائي ما زال بعيدا ,خصوصا وان الحلول لها ما زالت تقتصر على طرق تقليدية تقوم على شراء الكهرباء من دول الجوار وباسعار مكلفة ,فضلا عن بناء محطات الطاقة الكهربائية وتشغيلها بالوقود المرتفع الكلفة والشحيح ايضا في حين تغيب الحلول الاخرى كالاعتماد على الطاقة الشمسية التي ما تزال تحتاج الى قرار سيادي لتنفيذها بالرغم من العديد من التصريحات التي تتحدث عن بناء وتشغيل شبكات لتوليد الكهربائية من الطاقة الشمسية وان مشاريع ستنفذ وتسد العجز في الانتاج , لكنها لا تزال مجرد تصريحات من دون ان نرى منها شيئا . لقد اهدرت منذ العام 2003 مبالغ مالية ضخمة جدا لتحسين انتاج الكهرباء في العراق ,لكن هذه المبالغ ابتلعتها مافيات الفساد التي تعمل على استغلال الازمات لصالحها والعمل على اطالتها لتحقيق اكبر فائدة ممكنة منها لتبقى الازمة على حالها في وقت ماتزال فيه قائمة من دون حل .
هناك العديد من المشاكل التي تواجه خطط تطوير قطاع الكهرباء في العراق والتي منها كثرة الضائعات وارتفاع معدلاتها نتيجة للتجاوزات من قبل العشوائيات السكنية ,اضافة الى شحة الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية والتي تحتاج الى 3000 متر مكعب يوميا ,حيث تتسبب شحة الوقود بفقدان اكثر من1000 ميغا واط من القدرة التجهيزية
للشبكات .لقد واجهت العديد من دول الجوار والمنطقة ازمة مشابهة للازمة الحالية من حيث التفاوت بين الطلب والانتاج الفعلي لكن اكثرها نجاحا كان في مصر التي واجهت عجزا خطيرا دفعها الى التعاقد مع شركة سيمنس الالمانية لبناء محطات جديدة وفق تقنيات حديثة ولم يستغرق بناء هذه المحطات سوى 5 اعوام وصلت فيها طاقتها الإنتاجية الآن إلى 56 ألف ميغاواط، وهي أكثر من ضعف الاحتياج الفعلي في الشتاء، المقدر بـ25 ألف ميغا ، في وقت تكون فيه الذروة والطلب على الكهرباء في الصيف يصل إلى 31 ألف ميغا، ما جعل الحكومة المصرية تتخذ قراراً بوقف العمل فيها وتشغيل محطات اخرى ذات قدرات انتاجية اقل لتقليل تكاليف
التشغيل. وكانت الحكومة المصرية قد احالت بناء المحطات الجديدة إلى شركة (سيمنس) الألمانية مع اشتراط وجود معدات لا بدائل سوى لديها فقط، فيما يتعلق بالمولدات المستخدمة، علماً بأن العمل في هذه المحطات جاء في زمن قياسي سدّدت فيه الحكومة كامل المستحقات وفق الجداول الزمنية المتفق عليها في العقد
مما جعل مصر تتحول من العجز الشديد في الطاقة الكهربائية في عام 2013 إلى الفائض الكبير في 2019.
حل الازمة عراقيا ليس صعبا ,اذ ان بالامكان احالة مشاريع بناء محطات جديدة الى هذه الشركة صاحبة الخبرة الكبيرة او الى اية شركة اخرى عريقة في هذا المجال ,اضافة الى الشروع بتبني مشاريع انتاج الطاقة الكهربائية من الخلايا الشمسية وادخالها الى حيز الاستخدام وتبني مبادرة شراء الكهرباء من المواطنيين ممن يستخدمون الخلايا الشمسية لانتاج الكهرباء في منازلهم واضافتها الى الشبكة الوطنية كما هو معمول به في العديد من دول العالم ,اضافة الى وضع برنامج سعري موحد للكهرباء لا يسمح بالاسراف في استخدام الشبكة ويشجع المواطنين على استخدامها وفق احتياجاتهم الفعلية بدلا من نظام الاستهلاك المفتوح الذي يفاقم العجز ويجعل الطلب على الكهرباء مفتوحا ومن دون نهاية . ليس صحيحا ان نتجاهل ازمتنا الكهربائية ونهدر مليارات الدولارات كل عام تكفي لبناء العديد من المحطات الكهربائية لشراء الكهرباء من دول الجوار التي عالجت ازماتها لتبيع الفائض منها لنا من دون ان تكون لدينا العزيمة والارادة لحلها وانهاء ازمة مازالت تتفاقم من اكثر من
29 عاما.