الأزمة الأوكرانيَّة وإشكاليَّة التفسير

قضايا عربية ودولية 2022/03/03
...

 جواد علي كسار
إذا أردنا أن نبتعد في الأزمة الأوكرانيَّة عن الجانب الإخباري، وننتقل إلى التحليل فمن الصعب جداً ممارسة الاجتهاد التحليلي، في حدثٍ لا يزال في طور الصيرورة والتكون، والأصعب من ذلك هي مهمة التنبّؤ وتوقع خيارات المستقبل، ووضع اليد باطمئنان على السيناريوهات القادمة.
فلقد أثارت الأزمة جميع منطلقات ظاهرة الصراع في النظام العالمي، وما نشأ عنها من نظريات في السياسة الدولية خلال القرن الماضي، بدءاً من تلك التي تعيد الصراع إلى دوافع أيديولوجية وقومية، وانتهاءً بنظريات التحليل النفسي والاجتماعي، مروراً بالمداخل النظرية التي تفسر تفجّر الصراعات وانطلاق الحروب، على أسس جيوبولوتيكية واقتصادية وسياسية، كما ستكشف عنه هذه المتابعة.
 
تراث القرن العشرين
حقيقة الحال، أنَّ الأزمة الأوكرانية وحرب روسيا، لم تقتصر على تحفيز الأذهان وتحريكها، لاستعادة أغلب، إن لم يكن، جميع نظريات العلاقات السياسية الدولية، إبّان القرن العشرين، بل تخطت ذلك إلى استنفار العقل السياسي واستثارته لاستحضار معادلات الصراع وتطبيقاته والبارز من نظرياته، خلال القرن التاسع عشر أيضاً، على الأقلّ في أوروبا، كما أشارت إلى ذلك شهادة من أعمق الشهادات، متمثلة بخطاب المستشار الألماني أولاف شولتس في البرلمان الاتحادي الألماني (البوندستاغ) الأحد الماضي، عندما ذكر صراحة أنَّ حرب بوتين وهجوم روسيا على أوكرانيا، لا يهدّد خريطة الاستقرار في أوروبا خلال نصف قرن وحسب، بل يعيد أيضاً عقارب الساعة في هذه القارّة، إلى أجواء القرن التاسع عشر، وهذا: "ما لا نسمح به"، على حدّ تعبيره.
تعيدنا هذه الكثافة في استحضار تراث القرن العشرين في الصراع الدولي، إلى المنطق التراكمي الذي يحكم هذا الجانب من السياسة، ويكشف عن أنَّ الفرحة العارمة التي غمرت شطراً كبيراً من السياسيين ومنظّري السياسة في الأكاديمية الغربية، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991م، وسرورهم بانتهاء الحرب الباردة، وأفول نظام القطبية الثنائية القائم يومها، على أساس الصراع الأيديولوجي بين الشرق الماركسي والغرب الرأسمالي، لم يكن سوى لحظة مؤقتة، وليس حالة صلبة للنظام العالمي الجديد، الذي بشّر به أقطاب كبار في الغرب ولاسيّما الأميركي، ونظّر له أصحاب منطق "النهايات" من أمثال فوكوياما وأضرابه، من "هواة" غلق العالم في إطار النهايات السعيدة.
 
التفسير المركب
فضلاً عن الرؤية التراكمية التي تدلّ عليها هذه العودة إلى الوراء، فإنَّ استعادة نظريات القرن الماضي بحذافيرها، بل التوغل إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال الاتكاء إلى تاريخ متغيّرات السياسة في أوروبا والعالم إبّان عصر الإمبراطوريات، في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وحتى قبل ذلك، يضيف دالة أخرى مفادها؛ أنَّ أزمات السياسة في العالم وصراعات الدول وحروبها، هي بدرجة من التركيب والتعقيد، بحيث لا يكفي العامل الواحد في تفسيرها.
فالمحللون اليوم لأزمة أوكرانيا وحرب بوتين، يستحضرون في التفسير ميراث روسيا عبر ثلاثة عصور، هي القيصرية والسوفيتية والروسية أو ما بعد السوفيتية، ويستنبطون نظرياتهم في التفسير، من أحشاء هذه العهود مجتمعة، وهم يتحدّثون عن القيصرية المحدَثة وطموحات القيصر الجديد (بوتين) بأحلام استعادة الإمبراطورية الروسية وإحيائها مجدّداً.
كما تجتمع في أقلام هؤلاء وعلى صعيد واحد أو متقارب، نظريات التفسير بالجغرافيا والجيوبولوتيك والأوراسية على ما بينها من تداخل؛ وبالدين والأيديولوجية والعنصر الاثني؛ وبالمركبات السايكولوجية والسوسيولوجية والثقافية الفردية والاجتماعية؛ وبالستراتيجية والسياسة وبقية العناصر الجيوسياسية؛ كما بعوامل الاقتصاد والسيطرة على الأسواق؛ وبصراع الطاقة بين الموارد الثلاثة الأساسية للوقود الأحفوري (الفحم، النفط، الغاز) والبدائل الجديدة من كهربائية ونووية وشمسية وغير ذلك، ما يكشف بدلالة حاسمة عن تداخل نظريات الأمس واليوم، وإن ما عشناه من عالم الأفكار السياسية ونظريات الصراع الدولي في القرن المنصرم، لم يندثر بعد، ولم يدخل متاحف تأريخ الأفكار وأرشيفات الفكر السياسي، كما كنا نظنّ أو يوحى إلينا، بل ما زال للماضي حضوره الكبير في الحاضر، وتأثيره البليغ في تفكيرنا وتحليلنا، والأهمّ من ذلك تفسير ما يجري من حولنا على أرض
الواقع.
بهذه الخلاصة المكثفة ننتهي للقول؛ إلى أنَّ نظريات التفسير في التحليل السياسي، قد اكتسبت في واقع الأزمة الأوكرانية وحرب بوتين، مديات زمنية عريضة بدأت من نظريات الصراع الدولي في القرن العشرين، واستقرّت عند نظريات العولمة ونهاية التأريخ والأوراسية الجديدة في القرن الحادي والعشرين، لكن على نحو متداخل ومركب، يعكس منطق التراكم والاستمرارية، ويرفض التفسير بالعامل الواحد، أو إيقاف الاجتهاد وتعطيل خط التفكير عند نظرية بعينها.
 
نظريات الجغرافيا
من النادر أن نعثر على مقال أو بحث، وقد شذ عن ذكر الجغرافيا كعامل له وظيفة مزدوجة، في تفسير الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وإن كان الجانب الروسي أكثر استناداً إلى هذا العامل، في تبرير حربه ضدّ أوكرانيا.
للجغرافيا إذن حضورها الأكثر كثافة في الأزمة الروسية- الأوكرانية والحرب الناشئة عنها، بأبعادها الثلاثة؛ الجغرافية السياسية، والجيوبولوتيك، والأوراسية بوجهيها التقليدي والحديث، مرةً أُخرى على ما بين هذه المجالات الثلاثة من قرابة، بل وتداخل في البناء النظري والعناصر التكوينية، وفي الحقل الوظيفي التفسيري أيضاً.
معنى ذلك عملياً أنَّ التفسير الجغرافي، يضعنا أمام نظريات وليس نظرية واحدة. على سبيل المثال، يقول مؤلف كتاب "مدخل جديد إلى الجغرافية السياسية" ريتشارد موير، ما نصه: "إنَّ الأمم البارزة في المجتمع الدولي، هي التي تتمتّع بأكبر قدر من الوحدة الجغرافية، وهي تدين بوجودها إلى هذه الحقيقة". يضرب لذلك أمثلة، وكيف تؤثر الجغرافيا الطبيعية، في تكوين خريطة الأمم والقوميات، وتترك بصمتها من بعد ذلك في الجغرافيا السياسية، على النحو الذي يرى أنَّ حدود معظم الدول رُسمت على أساس جغرافي.
من أمثلة هذه الرؤية بشقيها القومي والسياسي، يذكر موير "جبال البرانس" التي تفصل شبه جزيرة ايبيريا عن باقي دول غرب أوروبا، وكيف ساهمت بدور في نمو القومية الإسبانية. وكذلك الدور الذي قامت به "جبال الألب" بدعم أواصر الوحدة الإيطالية، وما نهض به "القنال الإنكليزي" و"المحيط الإطلنطي"، من منصة انطلاق للقوميتين الإنجليزية والأميركية، والعوامل المشابهة في نشأة القوميات اليابانية والاندونيسية والبلقانية، هكذا إلى باقي الأمثلة (يُنظر: العلاقات السياسية الدولية، صبري مقلد، ص 98ـ 99).
 
نظرية المجال
ربما كان العالِم البريطاني وأستاذ الجغرافيا بجامعة لندن، هالفورد ماكندر (1861 - 1947م) صاحب بحث "نقطة الارتكاز الجغرافي للتأريخ" الذي صدر عام 1904م، هو أول من مزج الجغرافيا بالسياسة عبر الجيوبولوتيك، وأخرج لنا بداية القرن العشرين خريطة للعالم، يحيط بها "المحيط العالمي" (يقصد بها، مجموع محيطات: الهادي والهندي والأطلسي والمنجمد الشمالي والجنوبي) بالجزيرة العالمية (مجموع الأراضي اليابسة وكثافتها البشرية المركزة في آسيا وأوروبا وأفريقيا) وانتهى لصياغة نظريته الأشهر، ذات الأركان الثلاثة، التي تُفيد بأنّ من يحكم شرق أوروبا يتسلط على قلب العالم، ومن يحكم قلب العالم يتسلط على الجزيرة العالمية، ومن يحكم الجزيرة العالمية يتسلّط على العالم كله (الجيوبولتيكا، فيفيلد وببرسي، ص 29 - 34).
بيدَ أنَّ الأهمّ من ماكندر بنظرنا، هو كارل هوسهوفر (1869 - 1946م). فقد جمع هذا الرجل بين فنون العسكرية مدرباً في الجيش الياباني، ثمّ ضابطاً في الجيش القيصري؛ وبين الجغرافيا أستاذاً لها في جامعة ميونخ؛ وحصل على الدكتوراه في الفلسفة، قبل أن يؤسّس "معهد ميونخ للجيوبولتيكا"، ويحلّ رئيساً للأكاديمية الألمانية عام 1934م.
أهمّ فكرة ترتكز إليها المبادئ العامة لهوسهوفر، هي المجال الجغرافي. وإذا كان سلفه، فردريك راتزل (1844 - 1904م) أحد أكبر رادة الجغرافيا السياسية، قد سبقه إلى مصطلح "المجال"، وهو يقول: "إن تدهور كلّ دولة هو نتيجة لتدهور وضعف فكرة المجال الأرضي عندها"، فإن هوسهوفر ذهب بالمقولة إلى مداها الأقصى، وهو يسجّل، بأن المجال: "يتحكم في تأريخ البشرية".
أكثر من ذلك، كان هوسهوفر من المؤمنين بأن "الدولة يجب أن تتسع أو تهلك" في ملازمة ضمنية لمبدأ أنَّ "قيام الدولة الضخمة معناه زوال الوحدات الصغرى"؛ بمعنى أنَّ الدول الكبرى في المساحة تبتلع الدول الصغرى. وهذا ما يفسّر لنا الميل الظاهر الآن، لتفسير سلوك روسيا ضدّ أوكرانيا على أساس الجغرافيا، بكلّ ما يحفل به هذا العامل، من خلفية وتراكم وثراء نظري.
من الأفكار التكميلية لهوسهوفر، أنَّ المجال الأرضي عنده يحتاج إلى سيادة، وهي تأتي عن "طريق المؤثرات الجغرافية والعرقية" ليتحوّل من مجال أرضي عادي للدولة الكبيرة، إلى "مجال حيوي" عبر التوسّع السياسي والاحتلال الأرضي، تستحكم فيه السيادة من خلال الاقتصاد: "إن التغلغل الاقتصادي الكامل، له تماماً نفس الآثار التي تترتّب على الاحتلال الأرضي" (يُنظر: الجيوبولتيكا، ص 36 -41).
 
المدرسة الروسية
في بحثه الرصين "الجيوبوليتيكا الروسية الحديثة والمعاصرة "قدّم لنا الكاتب الجزائري جلال خشيب، رصداً جاء على وجازته وافياً، في الكشف عن العلاقة التأريخية لروسيا مع الجغرافية؛ تحديداً الأرض بصرف النظر عن النظام السياسي. فـ"قوّة روسيا وتصوّراتها الستراتيجية الكبرى كانت قد ارتبطت دوماً بالسيطرة على مساحة جغرافية واسعة"، ومن ثمّ فقد "أدّت الجغرافيا الروسية الواسعة، دوراً أهمّ في تشكيل القوّة العظمى لدى صنّاع القرار الروسي" بصرف النظر عن طبيعة النظام السياسي قيصرياً كان أم سوفيتياً أم روسياً (البحث المذكور، ص 99).
لقد تواشج هذا "الهوس بالتوسّع الجغرافي والهيمنة" لدى الروس مع تنظيرات فكرية، كما تبلورت حلقاتها مع مجاميع أكاديمية وفكرية وسياسية، توالت على مدار قرن أو أكثر، عبر التفاعل مع المجالات الثلاثة؛ الجغرافيا السياسية، والجيوبولتيك، والأوراسية القديمة والجديدة. برز على هذا الخطّ مشروع "النزوح إلى الشرق" الذي انطلق عام 1921م، بفكرة مفادها أنَّ: "جغرافية روسيا تمثل مصيرها ومن ثمّ لا يوجد أي داعٍ لأيّ حاكم، بأن يفكّ نفسه من ضرورات تأمين أراضيه... والتفكير بشكل إمبريالي من خلال القضاء على الشعوب الخطيرة، في كلّ الحدود واستيعابها" (المصدر السابق، ص 100).
من حلقات التطوّر الفكري لهذا النهج في المدرسة الروسية، جهود نيكولا سافيتسكي (1895 - 1968م) الذي أكد أهمية تواؤم شخصية الدولة الروسية مع جغرافيتها، من خلال المجال التأريخي والإثني، وعبر "بؤرة التطوّر" التي تمثلها روسيا نفسها. مفهوم بؤرة التطوّر يفرز طبيعياً بؤراً للتوتر والنزاع، كما هو حاصل مع أوكرانيا الآن، فينبغي معالجته جذرياً: "إذا كانت الدولة ترى في (مجالٍ صغيرٍ ما) أنه لابدّ أن يدخل في نطاق شخصيتها الجغرافية، فإن ذلك ينطوي على دخول ذلك (المجال أو الحيّز/ المنطقة) في نزاع وجودي مع تلك الدولة"، (السابق، ص 101).
من أقطاب المدرسة الجغرافية في أفقها الجيوبولتيكي الكسندر سيفيرسكي (1894 - 1974م) الطيار الروسي ومهندس الفضاء ومصمم الطائرات، صاحب نظرية "القوّة الجوية مفتاح البقاء" ومن ثمّ فإن: "السيطرة على الجو تتيح إمكانية عالية للسيطرة على الأرض" (الدراسة، ص 101).
لقد كان للوعي الجغرافي المعمّق حضوره القويّ في القرار الروسي، قيصرياً وشيوعياً وبوتينياً، فبشأن الرئيس بوتين، قال نصاً بعد عامين من تسلمه للسلطة: "نحن قوّة عالمية، ليس بسبب أننا نمتلك قوّة عسكرية عظمى، وقوّة اقتصادية محتملة، ولكن نحن كذلك لأسباب جغرافية. سوف نظلّ موجودين مادياً في أوروبا وآسيا، في الشمال والجنوب".
لقد قادت حصيلة هذه التطوّرات مجتمعة، مع خليط من عوامل أُخر إلى بروز الأوراسية الجديدة، كآيديولوجية لروسيا الحالية تقوم على تسويات كبرى، بين القيم القيصرية والسوفياتية وما بعد الشيوعية، كان من رادتها غير المحظوظين الكسندر بنارين، الذي لم تحظَ أفكاره بعناية بوتين والحلقة المقرّبة منه في الكرملين، على عكس ما حصل مع زميله الكسندر دوغين، صاحب مدعيات النظرية الرابعة، والأوراسية الجديدة، وغيرها من الأفكار التي وجدت لها صدى لدى الكرملين وكبيره بوتين؛ تحتاج إلى وقفة تحليلية مستأنفة قائمة بنفسها.
 
سجناء الجغرافيا
إذا أردنا أن نبقى في نطاق وحدة موضوع هذا المقال، فمن المفيد جداً أن نستكمل مادّته بالإشارة إلى كتاب الصحفي البريطاني تيم مارشال، الموسوم "سجناء الجغرافيا". فهذا الكتاب الذي صدر عام 2015م على نحو متزامن في بريطانيا وأميركا وكندا واستراليا والهند، هو عبارة عن تجربة ميدانية وخبرة فكرية ونظرية، يكشف عن التأثيرات الحاسمة للجغرافيا على السياسة الدولية، لاسيّما أنَّ الجغرافية ثابتة، وبقية العوامل الستراتيجية متغيّرة.
وكذلك كانت إشارة نابهة من المؤلف، وهو يذكّر القارئ بدءاً من الغلاف مباشرة: "عشر خرائط تعرّفك بما تحتاج لمعرفته حول السياسة العالمية"، إذ يقدّم كشفاً بحقائق جغرافية ميدانية ثابتة، عن كلّ من روسيا، الصين، أميركا، أوروبا الغربية، أفريقيا، الشرق الأوسط، الهند وباكستان، كوريا واليابان، أميركا اللاتينية، القطب الشمالي، قبل أن يستخلص نتائجه في انعكاس خرائط الجغرافيا على ستراتيجيات السياسة.
بشأن روسيا تحديداً يقدّم مارشال مشهداً تخيلياً للرئيس بوتين، وهو يأوي إلى فراشه ليلياً، ويدعو الله في صلاته معاتباً: لماذا لم تضع بعض الجبال في أراضي أوكرانيا؟ وذلك إشارة إلى أنَّ جميع الهجومات التي تعرّضت لها روسيا منذ نابليون حتى هتلر، جاءت من جهة السهول المنبسطة غرب روسيا، ولو كانت الجبال موجودة في هذه المنطقة لتحوّلت إلى سدّ ضدّ الغزو. (لنتذكّر أنَّ كتاب مارشال صدر قبل ستة أعوام من الآن!).
المفارقة أنَّ ما يحصل الآن هو العكس تماماً، فالغزو يتجه من روسيا صوب أوكرانيا بدءاً من الشرق، والجغرافيا في هذا التفسير هي السبب، لأنَّ روسيا ترفض أن يكون حلف الناتو على حدودها.