احتفاءٌ كربلائيٌ بنقد النقد

ثقافة 2022/03/06
...

 كربلاء: صلاح حسن السيلاوي 
احتفى نادي الكتاب بصدور كتاب (مبادئ البنيويّة من النشأة إلى التمثل العربيّ) للناقد الدكتور علي حسين يوسف على حدائق نقابة المعلمين في كربلاء عبر أمسية أدارها الناقد الدكتور عمار الياسري وحضرها جمهور الأدب والثقافة في المدينة.  
قدم مدير الجلسة قراءة عن محتوى الكتاب وأهم ما جاء فيه من فصول ومضامين، ثم ابتدأ المحتفى به بتقديم لمحة عن البنيويّة، مشيراً إلى أنّها تبلورت بوصفها فلسفة لفهم العالم واتجاها نقدياً من آراء سوسير ومقولات الشكلانيين وأطروحة النقد الجديد، وجهود آخرين أمثال ياكبسون وشتراوس. 
وأضاف أن: البنيوية تنظر إلى الوجود على أنه بنى مغلقة يفترض أن يفسّر بوصفه مجموعة علاقات داخلية لها أنظمتها الخاصة ولا علاقة للخارج بها، لذلك فإنّها في مجال الأدب لم تتعرض لعلاقة الأدب بالحياة، فالنقد عند البنيويين يختص بالأدب بوصفه علما يحاول اختبار لغة الكتابة ومدى تماسكها المنطقي فحسب، مما جعلها تصطدم بالتيارات الأيديولوجية التي تحاول ربط الأدب بالإنسان أو المجتمع، أو ربطه بالتاريخ إذ إن البنيوية تجاهلت التاريخ تجاهلا تاماً حين عزلت الأعمال الأدبية عن مؤلفيها ورفعت شعار موت المؤلف، فالمؤلف بحسب تعبير بارت ما زال (يتضاءل حتى لكأنه تمثال صغير وضع في الطرف النائي للمشهد الأدبي). 
ثم قال يوسف وهو يتحدث عن ميزات البنيوية موضحاً: أهم ما يميز البنيوية سعيها إلى علمنة الأدب لذلك احتفت بالصرامة العلمية والمعادلات الرياضية، والرسوم والبيانات من هنا اتهمت بأنها أهملت المعنى واتسمت بالغموض والإبهام. 
والحقيقة فإنّ البنيوية صورة مطورة للنقد الجديد، فكلاهما قد اتفقا على رفض الاتصال بين داخل النص (بنيته اللغوية) والخارج (المجتمع)، وأغفلا رصد العلاقات بين الأدب وثقافة المجتمع، وذهبت البنيوية في هذا الاتجاه إلى أكثر من ذلك فأغفلت نوايا القارئ والكاتب بل عدتها لا قيمة لها، وهي حينما تجاهلت المعنى فقد ركّزت على وظيفة الدوال، ونظرت إلى الإنسان والتاريخ نظرة سكونية، ومن هنا اتهمت بالعجز عن تحقيق المعنى وإنارة النصوص الأدبية أو تفسيرها لذلك وصفها روجيه غارودي (ت 2012 م) بأنّها فلسفة موت الإنسان ورفض فوكو أن يكون بنيويا من المنطلق نفسه.
كما تحدث عن محاولة البنيوية التكوينية عند غولدمان التخفيف من إسراف البنيوية الشكلانية في عزل النص عن العالم الخارجي، وذلك بتمسكها بمفهوم (رؤيا العالم) الذي يعني أن الشيء المهم ليس نوايا المؤلف بل الدلالة الموضوعية التي يحققها المنتج عن نوايا مبدعة.
البنيوية، على وفق يوسف، منهج تحليلي وصفي يأخذ على عاتقه الكشف عن العلاقات والروابط بين أجزاء بنية ما وتحولاتها، إذ إن تلك العلاقات والروابط الداخلية في نظر البنيوية تعد الوسيلة المفضلة للكشف عن أسرار البنية، لذلك فإن جان بياجيه حينما يعرف البنيوية يؤكد ذلك فيقول: (إن البنية نسق من التحولات له قوانينه الخاصة باعتباره نسقا في مقابل الخصائص المميزة للعناصر، علما بأن من شأن هذا النسق أن يظل قائما ويزداد ثراء بفضل الدور الذي تقوم به هذه التحولات نفسها. وبعد أن أنهى المحتفى به حديثه عن كتابه وموضوعة البنيوية ابتدأت المداخلات التي تحدث أصحابها عن جوانب متعددة من الكتاب وأثاروا عددا من الأسئلة المهمة حول آراء الناقد والبنيوية بوصفها رؤية وفلسفة ومنظورا تحليليا للنص وللحياة أيضا وأسهم بتقديم تلك المداخلات، كلٌّ من الأديب علي لفتة سعيد وكاتب السطور والباحث خليل الشافعي والباحث نصير شنشول والقاص سلام القريني والقاص حمودي الكناني.