حبوب منع الجهل

ثقافة 2022/03/08
...

  آلاء عادل
مؤخراً أو ربما منذ عامين برز مصطلح (الفمنست) بالعراق بشكل مكثف رغم أن الحركة النسوية ليست جديدة على العالم فقد بدأت ملامحها منذ العام 1895 في الغرب منتقلة إلى أوروبا ثم العالم العربي ابتدأ بمصر ثم بقية البلدان العربية.
ولا بد من الإشارة بأن النسوية بصفتها حركة للدفاع عن حقوق النساء والمطالبة بالمساواة مع الرجل (بأخذ الحقوق وليس بأخذ الأدوار) لا بد من الإشارة أنها حراك يتبناه الرجال كما النساء وترفضه النساء أحياناً اللواتي يملن الى دعم المجتمع الذكوري.
مؤخراً بدأت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق ترمي الحجارة على الحركة النسوية وتصف النساء المنحلات بالفمنست، ويدعون بأنها حركة تشجع على انحلال المرأة رغم أنها وقفت بالضد من انخراط النساء بصناعة الأفلام الإباحية واستخدام أجساد النساء بالعروض وحتى كمزحة بما يسمى (حديث الرجال).
حين نمعن النظر عن أسباب هذا الهجوم نحيل ذلك إلى سببين رئيسين، أولا: التراجع الفكري والثقافي للمجتمع بشكل عام مما يجعل العبارة التي تنطلق من أي فم تردد على مدى واسع من دون فهم أو البحث عن مصادر ومرجعيات، والسبب الآخر هو المد الديني الذي أتبع منهج التسقيط وتسفيه الخصم وابتكار التهم والنيل من المحتوى بإلصاق ما شاء على المظهر.
مرت فترة من الزمن لم نَرَ في العراق ردة فعل واضحة للنسويات العراقيات بل أصبح البعض منهن يتنصل عن الحركة، يعتبرنها دلالا زائفا ورغبة بلعب دور الضحية، وهذا الرأي هو رأي ذكوري بحت؛ لأنه لا يمكن لرجل أن يقف موقف امرأة أزاء هذا المجتمع الذي تسنده القوانين والأعراف والأديان بأحكام الخناق على حرية المرأة بالعيش ككائن آخر وليس جزءا من كائن رئيس هو الرجل.
تعالت بعض الأصوات التي رددت بصورة (ببغاوية) عن ماذا فعلت هذهِ الحركة للبشرية؟!
ربما الحديث يطول عن إنجازات الحركة النسوية وما حصلن عليه من حقوق حسن حياة الأسرة وليس فقط المرأة، ولكن من وجهة نظري أهمها هو (حبوب منع الحمل).
إذ بذلت الناشطة والممرضة الاميركية (مارغريت سانجر) حياتها في سبيل جعل وسائل منع الحمل قانونية ومتاحة للنساء في كل العالم بدأت بالكتابة والتوعية ضد قوانين تجريم منع الحمل، ثم بدأت بفتح العيادات الخاصة بتحديد النسل، وفي آخر أيام حياتها وهي في الثمانينات من عمرها استطاعت أن تؤمن مبلغا من المال للعالم (غريغوري بينكوز) من أجل دعم أبحاثه الخاصة باختراع حبوب لمنع الحمل، هذه الرحلة استمرت من العام 1914 حتى العام 2000 حين اصبحت هذه الحبوب توزع ضمن الضمان الصحي للنساء في أميركا.
هذا الاختراع العظيم لم تكن فائدته في السيطرة على التضخم السكاني واختيار وقت الانجاب، إنما برّأ النساء من تهمة العجز الجنسي عند الرجال، إذ كن متهمات بهِ بسبب خوفهن من الحمل، كما فتح الابواب لهن بالعمل في مجالات كالطب والقانون والهندسة تلك الاختصاصات التي كانت حكراً على الرجال؛ لانها تحتاج الى وقت طويل للدراسة والعمل الجاد والذي كان الحمل يقاطعه كل مرة.
بعد كل ما مرت به الحركة النسوية بالعالم وما حققته حسب خصوصية كل بلد نحتاج في العراق الى إعادة بناء هيكلية لتعريف النساء بهويتهن وماذا يردن، نحتاج الى اجابة واضحة عن هذا السؤال لنجابه الفكر الآخر وفق معطيات الإجابة حتى لا نرتطم ببعضنا ونصدق بأن المطالبة بحقوق النساء ترف ببلد تهدى بهِ النساء كالمقتنيات.