عبد الرزاق حسين .. الشعر والصحافة والتجديد في البصرة

ثقافة 2022/03/09
...

  طالب عبد العزيز
عرفت عبد الرزاق حسين  الشاعر، وإليه تعود ريادة الصحافة الثقافية، بالبصرة.في الفترة بين عامي 1969 - 1970 ببيت الشاعر عبد العزيز عسير، في قرية عويسيان، بأبي الخصيب، حيث أسكن، ويسكن عسير، خلال قراءتي لقصيدة له.
يقول في مطلعها (أنكرت لونك ياحياة ولي عيون) المنشورة في العام ذاك بجريدة (الثغر) لصاحبها شاكر النعمة، والتي كانت تصدر في البصرة منذ ثلاثينات القرن الماضي. الشاعر الذي أصدر كتابه الأول (قاطع طريق) قصيدة طويلة عام
1957. 
لم التقه طوال الفترة تلك، إلّا مرة أو مرتين، لكنه ظل في الذاكرة، شاعراً وإنساناً وصحفيا راصداً. لهذا، وجدتني ملزما بزيارته أمس، في داره بمحلة المشراق الجديد، الشاعر الذي أدمن التنقل، منذ ولادته بمحلة السيمر، حتى انتقاله منها، بعد وفاة والده في العام 1943 وهو صبي، قبل أن تتناهبه الأمكنة والبيوت، في البصرة والنجف وبغداد، هذا العصامي، الذي اضطر الى ترك الدراسة، عند مرحلة المتوسطة، والاعتماد على نفسه، في اتقان اللغة، وبحور الشعر، والانصراف كلياً للعمل في الصحافة الثقافية. أمس كان عبد الرزاق حسين يتوقف طويلاً، قبل أن يجيبني، إذا سألته عن تاريخ أول قصيدة كتبها، ونشرت له، فقد أكلت الأزمنة بعض ذاكرته.. لكنني أعرف عن وثيقة بأنه أول من قال وكتب.
لا أعلم عدد الذين يعرفون عبد الرزاق حسين في البصرة، أو في العراق اليوم، لكنني أعرف عن وثيقة بأنه القائل سنة 1957 في قصيدة: «أصرخ، لا لكي تجيبني إنما لكي تسمعني»، وهو الذي يقول: «هذي بنادقهم كأعناق النسور»، كذلك هو الذي قال: «العالم المسدود قبرٌ دون باب/ من أيِّ نافذة نؤول الى الصواب/ من أي نافذة وباب؟ أو : «الليل بحرٌ من حرير» أو «ليس أحرى بالتحطم من جماد». 
كيف لا وهو الذي أصدر في العام 1973 قرطاسا بعنوان «مقدمة لدراسة الحركة الأدبية بالبصرة» رصد فيه حركة التجديد في الشعر البصري، بما يعلمنا فيه بأهمية السيّاب في التجديد، مع تحفظه على كثير من التجارب الشعرية، التي أعقبت تجربة السيّاب فهو يقول: «علينا أن نسأل عما تكون عليه قد اضافته البصرة للحركة الشعرية عموما بعد
السياب؟. 
وحين يتحدث عن (أزهار ذابلة) ديوان السيّاب الذي صدر عام 1947 يقول: إن السيّاب كان يدرك تماما العلاقة بين الشعر الحر والبند. فالقصيدة الجديدة أكثر قدرة على الانفلات من محاولات النسخ والتكرار. 
وهو يقول: «ميلاد الجديد ليس رهينا بعدد السنين، إنما رهين بميلاد الموهبة، التي تتحسس ضرورة التجديد من خلال الممارسة الواعية، والمعرفة الدقيقة للحاجة الملحة، والرفض الجريء لما لم يعد ضروريا أو ذي جدوى». 
 في العام 1957 يصدر عبد الرزاق حسين عن مطبعة النجف كتابا بعنوان (الحركة الشعرية في البصرة، يسهم فيه ذياب فهد وحنظل الشيخ خزعل وعبد الرزاق حسين وكاظم سيد احمد الجبيلي، لكنه حين يرصد الحركة الصحفية في البصرة نراه يتحدث عن صحف بصرية نكاد نسيناها اليوم مثل الثغر، والثمرات، والخبر، والبصرة، ونداء الأهالي، والجامعة والخليج العربي وغيرها، ويطلعنا على ما لم نعرفه حين يتحدث عن كتاب بدر شاكر السيّاب مختارات من الشعر العالمي الذي ترجمه بدر، وصدر في العام 1957. 
ينتمي الشاعر والصحفي عبد الرزاق حسين إلى بواكير حركة التجديد في العراق، ويرصدها في أكثر من مقال له، هو الذي أعلمنا بمن لم نسمع بهم، من الشعراء والكتاب، في المدينة الجنوبية التي انطلقت منها شرارة
التجديد.