حماية القانون الأعلـى

آراء 2022/03/13
...

 علي الخفاجي 
 
تكاد لاتخلو القوانين والقرارات والتشريعات والاتفاقيات على مستوى العالم من النقوصات والضعف في بعض فقراتها، وهذا أمر طبيعي نتيجة تفاوت المقدرة الفكرية الفردية للمشرّع، أو لعدم القدرة على استنباط الأحكام العامة وأسباب أخرى تكاد تكون غير معلنة، وتماشـياً لتطور الحياة العامة ما يجعل من هذه التشريعات والقوانين قابلة للتعديل والتمحيص والإضافة لتساير طبيعة هذه الحياة.
أثارت التصريحات التي أطلقها النائب السابق وائل عبداللطيف بشأن الدستور العراقي وكيف كُـتب وعن تقسيمات اللجان، التي بدأت بكتابة الدستور، حيث أوضح بأن هنالك ثلاث لجان شكلت لإعداد الدستور لجنة كتابة الدستور، ولجنة صياغة الدستور، ولجنة كما أسماها المطبخ السياسي التي تدير العمل، وإن هذه اللجان صادقت واتفقت على 139 مادة وليس كما نشر في جريدة الوقائع العراقية على 144 مادة، متهماً الأكراد بوضع لمسات على المواد التي أضيفت وأهمها المادة 140 التي تسمى (مادة المناطق المتنازع عليها) والتي تعتبر خارطة الطريق لحل المشكلات العالقة وما تلاها من المواد.
نتذكر جميعاً في عام 2005 وبالتحديد يوم 15 تشرين الثاني والذي كان موعداً على الاستفتاء العام على الدستور، حينها توجه العراقيون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء عن رأيهم من حيث التأييد أو رفض الدستور، وبعد عشرة أيام من موعد الاستفتاء أعلنت اللجنة الانتخابية نتائج التصويت، وبين مؤيـدٍ ورافض لنتائج التصويت أصبح الدستور العراقي منذ ذلك الوقت سارياً وإلى الآن، رغم النقوصات التي تعتريه إلا أنه أصبح واقع حال وساري المفعول، حينها وفي ذلك الوقت كنا نعيش فترة من التخبط والعشوائية إن صحَّ أن نطلق على تلك الفترة، فهي كانت بداية الانفلات الأمني وبداية الفوضى، كل هذه الأمور ساعدت على تمرير الدستور العراقي دون تمحيص وقراءة ومتابعة وابداء الرأي من قبل المواطن، فهو كان يعيش وسط كل هذه التراكمات ومحملاً بالظلم والتجهيل والفقر من حكومة ما قبل 2003، ليتفاجأ بدعوة حكومية على الخروج للاستفتاء العام على القانون الأعلى، الذي يحدد في ما بعد القواعد الأساسية لشكل الدولة.
اليوم وبفعل تطور الظروف السياسية والاجتماعية للبلد والنضج السياسي المختلف عن ما سبق، بات من الضروري على رئاسة مجلس النواب المقبل حث النواب على تعديل وإلغاء وإضافة مواد جديدة تتناسب والظروف الحالية ومحاولة إلغاء المطاطية في أغلب المواد في الدستور، وجعلها أكثر صلابة وإحكاما لا تتخللها التأويلات التي تؤدي إلى الخلاف المستقبلي، وهذا ماشهدناه في إفرازات انتخابات عام 2010 والذي كان برعاية إحدى مواد الدستور وهي المادة 76، حينما ذكرت تلك المادة (يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء...) ومنذ ذلك الحين والآراء السياسية والقانونية تعددت والخلافات السياسية لا تزال مستمرة.