أخبار الحروب

آراء 2022/03/13
...

 زهير الجبوري 
 
ربما ينتابنا نحن الذين واكبنا حياة الحروب شيء من الانتباهة لما يدور من أحداث اختزنتها الذاكرة، فالحروب مهما كانت بعيدة أو قريبة عنّا فهي تشدّنا في قلق مبهم للعواقب التي ستنتجها، ولا أدري إن كانت هناك جوانب مشتركة بين ما مررنا به في عراقنا في العقود الأخيرة وما بين الحرب الحالية بين روسيا وأوكرانيا، فمهما كانت المسافة بعيدة او قريبة، فإن التفاصيل التي نشاهدها عبر وسائل الاتصال تذكرنا بالأدوات والمفردات العسكرية للمعدات وشكل المقاتل، وهو يرفع سلاحه وعلامات الأمكنة (بخاصة الحدودية منها)، حيث الأسلاك وبعض العلامات المستخدمة للحرب، وهنا نقف عند نقطة مهمة وحساسة، ما الغاية من وراء الحروب؟ وما هي نتائجها بعد قرون دامية قرأنا تفاصيلها في بطون الكتب؟ ولأننا في زمن العولمة وهو زمن اقتصادي بحت لا يلتفت إلى الحماس القتالي بقدر ما يخطط إلى أبعد نقطة في الاستفادة من طاقات هامشية تستثمر ثم تصبح في مكانها الجديد لتعطي أموالا كثيرة ككرة القدم ـ مثلا ـ او أفلام 
الأكشن. 
الحياة في الكرة الأرضية شاخت، ولم تستطع النهوض بحيوية إنسانها الأول الذي كان أكثر فاعلية في غزو العالم عبر ملاحة ميدانية في البر والبحر والجو، الحياة الآن تعيش عبر وسائل مختصرة، فهي مجرد (أزرار) تستخدم لتحسم المسائل المشحونة بين الطرفين المتحاربين، فأخبار الحروب، هي أخبار تقليدية ومستهلكة عند انساننا الشرقي ـ تحديد ـ، ومع تضارب الأخبار حول عودة روسيا إلى سابق عهدها في السيادة العالمية، وضم أوكرانيا التي كانت جزءا منها، وحول الترصد الأميركي لروسيا، هو جدل تاريخي مستمر منذ قرن تقريبا. 
وحين نلمس أن العراق يتأثر في هذه الحرب من خلال ارتفاع بعض المواد الغذائية الأساسية ولأسباب يطول شرحها، هذا يعني أن العالم متشابك مثل خيوط العنكبوت، بمعنى أنه نسيج لوحدة شكلية معينة، بهذه القناعة أدركت أن أخبار الحروب هي أخبار البشر بعامته في كل بقاع الأرض، فمتى يدرك بني البشر أن التصادمات والمصالح الخاصة لفئة معينة ثمنها الكثير من الضحايا، فالـ(كولنيالية) التي غيرت العالم وفتحت بلدانا كبيرة وشعوبا كانت في الأصل قبائل لها تقاليد وأعرافها، هي الآن تمارس حركتها بطريقة مختلفة، طريقة تضامنت مع حركة الحداثة وما بعدها في مصير الشعوب، لهذا لم تكن أخبار الحروب سوى مرحلة جديدة من مراحل الإنسان 
المعاصر.