بغداد: حيدر فليح الربيعي
حدد خبراء ومختصون بالشأن الاقتصادي، ستة محاور للسيطرة على أزمة ارتفاع الأسعار والحد من تداعيات الحرب الحاصلة بين روسيا وأوكرانيا، لا سيما على الصعيد الغذائي، واضعين في مقدمة تلك المحاور ضرورة تسهيل آليّات التحويل المالي وفتح اعتمادات مستندية مبسطة وبفائدة سالبة بنسبة 25 %، تخصص حصرا لواردات السلع الغذائية، فضلا عن تفعيل قرارات استيراد القمح من قبل القطاع الخاص (المطاحن العراقية) وإلغاء قرارات منع الاستيراد التي اتخذتها الحكومة في وقت سابق بهدف حماية المنتج المحلي.
وتزامنت تلك الدعوات مع إقدام مجلس النواب، على تشكيل لجنة للتباحث مع الحكومة بهدف تجاوز الأزمة، في حين أكدت وزارة التجارة، أن قرارات مجلس الوزراء بشأن استيراد الحنطة ستسهم في توفير الطحين وبدء الموسم الزراعي.
إعفاءات جمركيَّة
دعوات الخبراء والمختصين، جاءت خلال الندوة التي عقدتها غرفة تجارة بغداد، وناقشت خلالها ارتفاع أسعار المواد الغذائية وآثاره السلبية على الأسرة، وكيفية معالجة تلك الأزمة والخروج منها والنهوض بالقطاع الاقتصادي.
وأوصى المشاركون في الندوة، التي شهدت حضور عدد من أعضاء مجلس النواب، بضرورة “توسيع الإعفاءات الجمركية والضريبية”، فضلا عن “تبسيط آليّات التحويل المالي وفتح اعتمادات مستندية مبسطة وبفائدة سالبة بنسبة 25 % تخصص حصرا لواردات السلع الغذائية”.
كما شملت التوصيات “تمديد فترة التصفير الجمركي من 6 أشهر الى سنة، وكذلك تفعيل قرارات استيراد القمح من قبل القطاع الخاص (المطاحن العراقية)، والمطالبة بإلغاء إجازات الاستيراد وإلغاء قرارات منع الاستيراد التي اتخذت بهدف حماية المنتج المحلي.
جهود حكوميَّة وبرلمانيَّة
بدوره، كشف عضو مجلس النواب، حسن الخفاجي، خلال مشاركته في الندوة، عن وجود توجه لتشكيل لجنة برلمانية بهدف التباحث مع الحكومة لتجاوز الأزمة، مشددا على ضرورة تفعيل دور الأمن الاقتصادي للسيطرة على الأسعار ومنع زيادتها.
كما لفت النائب، الى أن “السلطة التشريعية ستعقد لقاءات خاصة مع وزير التجارة ورئيس الوزراء، للتباحث وايجاد حلول آنيّة وسريعة للأزمة، فضلا عن تشكيل غرفة عمل بهذا الشأن”.
من ناحيته، أكد رئيس غرفة تجارة بغداد، فراس الحمداني، بذل جهود كبيرة لتخفيض الأسعار، والعمل على دعم وتطوير الاقتصاد الوطني، مبينا أن “فتح الاستيراد وتقليل الضرائب على المستوردين والتجار من أولويات الرقي بمستوى قطاع الاقتصاد العراقي”، مشددا في الوقت ذاته، على أهمية “تفعيل دور الصناعات العراقية وتشغيل المصانع والمعامل المتوقفة ودعم الانتاج المحلي”.
حلول سريعة
الخبير الاقتصادي، الدكتور علي هادي جودة، يرى أن ارتفاع الأسعار يعود الى عوامل عالمية، سببها الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، فضلا عن “أسباب أخرى تتعلق بارتفاع أسعار النفط عالميا، إذ تسبب ذلك الأمر بأثرين، الأول ايجابي وهو تعزيز ايرادات الدول النفطية ومنها العراق، والأثر السلبي هو ارتفاع رسوم النقل عالميا للسلع والمواد، كذلك ارتفاع أسعار المواد الخام التي تدخل في الصناعات، والتي أدت بجملها الى ارتفاع أسعار السلع”، فضلا عن الآثار التي سبقت الأزمة العالمية، والمتمثلة بزيادة سعر صرف الدولار، التي اثرت بشكل مباشر على زيادة أسعار السلع والمواد محليا.
ولحلحة الأمور، يرى الخبير جودة، ضرورة “التوجه نحو ايجاد حلول آنية وأخرى ذات أبعاد ستراتيجية، إذ تتمثل الحلول الآنية بالتصفير الجمركي للمواد والسلع الأساسية التي تحتاجها الطبقات الهشة والمتوسطة، وكذلك ترحيل وايقاف العمل بمنع الاستيراد، إذ تعتمد الأسواق المحلية بشكل مباشر على السلع المستوردة وبنسبة تفوق الـ 90 بالمئة”، مبينا “لذا فإن المنتج المحلي لا يغطي الحاجة الفعلية للأسواق، الأمر الذي أدى ايضا الى زيادة أسعار بعض السلع”.
وبشأن الحلول الستراتيجية، يرى الخبير الاقتصادي “ضرورة تنويع مصادر الواردات وتحقيق الأمن الغذائي، ومصادر المواد الغذائية، مشددا في الوقت ذاته على أهمية توسيع الروزنامة الزراعية وزيادة مساحات الأراضي لزراعة محاصيل ستراتيجية مثل القمح والشعير وبنجر السكر ضمن الخطط السنوية”.
كما شدد جودة، على “إشراك الغرف التجارية والقطاع الخاص في اجتماعات الحكومة الرامية الى إيجاد حلول او طرح سياسات للأزمات الاقتصادية التي تتعرض لها البلاد، إذ إن القطاع الخاص يمثل أبرز أدوات الدولة في بناء الاقتصاد”.