محمد شريف أبو ميسم
بعد تزايد المخاوف من خطورة التقلبات في الأسواق العالمية بفعل التوترات الأمنية في العالم، فضلا عن خطورة التغيرات المناخية وانحباس الأمطار في البلاد، يكون قرار إعادة العمل بالمبادرة الزراعية قرارا صائبا بعد تداعيات إيقاف العمل بهذه المبادرة، وما سحبه من ضرر على القطاع الزراعي في البلاد.
مقارنة بسنوات العمل بالمبادرة ما بين العام 2008 والعام 2016، والتي أفضت لكثير من الإنجازات في عديد من الملفات الزراعية وفي مقدمتها ملف المياه وادخال التقانات التي أفضت الى نتائج ايجابية بفعل الترشيد الناجم عن تطوير شبكات الري ودخول أدوات الري الحديثة، بجانب ملف الثروة الحيوانية الذي شهد تطورا كبيرا في معدلات الانتاج، وبدا ذلك واضحا في ارتفاع معدلات استهلاك لحوم المواشي والمجترات المحلية في المناسبات الدينية المتعددة بجانب زيادة أعداد مشاريع الدواجن والأسماك التي احتوت أعدادا كبيرة من الأيدي العاملة، علاوة على مشاريع الأعلاف والعلائف التي زادت هي الأخرى بفعل زيادة الطلب، فضلا عن التطور الكبير في انتاج محاصيل الحنطة والشعير والخضر بمختلف أنواعها بما يتناسب وحجم الطلب المحلي.
ما يعني أن تجربة العمل بالمبادرة الزراعية، أفضت لخبرة متراكمة تخللتها النجاحات والإخفاقات في الوقت نفسه، وأول هذه النجاحات تمثل في انتشال هذا القطاع من كبوته الموروثة، تمهيدا للعمل بستراتيجيات وخطط علمية لم تأخذ طريقها الى أرض الواقع جراء الاتكاء على نجاحات حلقة الاقراض تحديدا، التي دفع ثمنها المصرف الزراعي من نسب الائتمان، جراء الاقبال الكبير على قروض المبادرة التي كانت تمنح بنسب فائدة 2 بالمئة وفي مراحل وسنوات كانت من دون فائدة أصلا، مقابل انخفاض الطلب كليا على قروض المصرف الزراعي من موارده الذاتية ما أضر كثيرا بعمل
المصرف.
فضلا عن ارتفاع الكلف الإدارية الناجمة عن التوسع الأفقي لصالح المبادرة من دون عائد مالي يتناسب مع ارتفاع كلفة انتاج الخدمة بفعل زيادة عدد الفروع والمكاتب لصالح المبادرة، في حين كانت حلقة الإقراض مدعاة للطارئين على القطاع الزراعي، كل بحسب تأثيره وخلفياته في تشكيلة المجتمع العراقي، ما جعل موظفي المصرف ضحية لهذه التأثيرات بمختلف اتجاهاتها، وحين انتهى العمل بالمبادرة كان صغار الموظفين قرابين الفساد أمام الجهات الرقابية، لأن الملفات لا تحمل رنين هواتف الكبار، ولا ضحكات اللقاءات بين المتنفذين، ولكنها تحمل تواقيع صغار الموظفين، بينما رشح المصرف الزراعي للدمج مع مصرف حكومي آخر بعد تراجع موقفه المالي، فيما أضحت ملاكاته ذات الخبرات بدورة رأس المال الزراعية مرشحة للاستغناء، في وقت يحتاج فيه صندوق الإقراض لهذه الخبرات.