مقترحٌ لإعلان مبادرة زراعيَّة - صناعيَّة

اقتصادية 2022/03/15
...

  بغداد: حسين ثغب - فرح الخفاف 
في وقت يشهد فيه العراق ارتفاعاً بأسعار المواد الغذائية لأسباب عديدة بينها الحرب الروسية الأوكرانية، وقبلها خفض قيمة العملة وانتشار فيروس كورونا، قدم خبراء في الشأن الاقتصادي مقترحا لإعلان مبادرة زراعية - صناعية لتحقيق الأمن الغذائي في البلد. ويقصد بالأمن الغذائي "إنتاج الغذاء داخل الدولة الواحدة بما يعادل أو يفوق الطلب المحلي".وقال الخبير الصناعي عقيل السعدي لـ "الصباح": إن "المنحة الحكومية الأخيرة لن تحل أي مشكلات، بل ربما ستفاقم الأمور وترفع الأسعار، فهي ليست حلاً".
 
وأضاف أن "الحل الحقيقي هو دعم القطاعين الصناعي والزراعي، إذ يجب أن يتم إحياء الصناعات الغذائية في البلد وتطويرها، عن طريق طرح مبادرة شاملة تتضمن دعم القطاع الزراعي لتوفير المواد الأولية، ومن ثم توفير جميع المستلزمات للقطاع الصناعي الذي لن ينجح إلّا عن طريق التعاون بين القطاعين العام والخاص".
وتابع السعدي: أن "مبالغ المبادرة يمكن توفيرها من خلال الوفرة المالية من فرق سعر برميل النفط المحدد في الموازنة وسعره الحقيقي الذي يباع في الأسواق العالمية"، مرجحاً إمكانية جني ثمار المبادرة خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات في حال تم البدء بها، وبعدها يمكن أن يحقق العراق اكتفاءً ذاتياً زراعياً وصناعياً في ما يخص المواد الغذائية ومركزاً مهماً لتصديرها فيما بعد".
 
هيأة متخصصة
استشاري التنمية الصناعية عامر الجواهيري قال: "ذكرنا في أكثر من مناسبة اقتصادية ضرورة التوجه لضمان تحقيق تنمية صناعية، وهذا يتطلب تشكيل هيأة متخصصة في المناطق الصناعية تتولى إدارة الملف الصناعي بجميع جوانبه وفق المعايير الدولية لدعم البنية التحتية الصناعية ومواجهة تحديات تطوير القطاع الصناعي، وأن مسؤوليات الهيأة وضع ستراتيجية لتنفيذ وإدارة وتشغيل المناطق الصناعية والخطط والسياسات والإجراءات التنفيذية، كما أن وجود الهيأة يساعد على تولي تنفيذ مناطق صناعية جديدة بمواصفات دولية، وهذا أهم بوابات النفاذ من تراجع الانتاج الذي تشهده البلاد وبات مزمنا". 
ونبه الى "التوجه في الوقت الحالي الى إكمال إنشاء المناطق الصناعية قيد التنفيذ والعمل على تشغيلها بشكل مرحلي، لا سيما أن مقومات نجاح التوجه متوفرة في البلاد، غير أن الحاجة الى تجاوز الروتين الذي يرافق إنشاء المشاريع الصناعية، الأمر الذي يتطلب توفير بيئة عمل جاذبة للصناعي المحلي والاقليمي والاجنبي لتفعيل الانتاج الوطني، ومن هنا يمكن أن نعظم الموارد المالية للدولة". 
وسبق أن أشار الجواهري الى أن "تحديات التنمية الصناعية والتنافسية فرضت على معظم البلدان النامية توجهها لتأسيس هيأة متخصصة للمناطق الصناعية مع تحقيق نجاحات في هذا الصدد، ويدخل ذلك ضمن المنافسة بين البلدان لتعزيز انتاجها المحلي الاجمالي وفي جذب الاستثمارات 
اليها". 
وأكدت وزارة الصناعة والمعادن الأسبوع الحالي، أن القرارات الأخيرة بشأن الإعفاءات الضريبية لبعض المواد تدعم الصناعات العراقية، مشيرة إلى أن القروض الصناعية ما زالت مستمرة.
وكان مجلس الوزراء قد أصدر في وقت سابق، قراراً لدعم الصناعة الوطنية والتخفيف من ضرر الأزمة العالمية، وهي تصفير الرسم الجمركي على البضائع الأساسية التي تدخل في صناعة المواد الغذائية ومواد البناء والمواد الاستهلاكية الضرورية لمدة شهرين، وإعادة النظر بالقرار بعد معاينة الأزمة، فضلاً عن إلغاء المواد المحظور استيرادها لأغراض حماية المنتج من المواد الغذائية، والاستهلاكية، والأدوية لمدة شهرين، وإعادة النظر بعد معاينة تطورات الأزمة.
 
الحكومة والفلاح
من جانبه، قال الخبير في المجال الزراعي حيدر فاضل لـ "الصباح": إن "نجاح العملية الزراعية يحتاج الى تعاون بين الحكومة والفلاح او مع المستثمر للأراضي الزراعية".
وأشار إلى "ضرورة إعادة إحياء المبادرة الزراعية ودمجها بالصناعية لتحقيق الأمن الغذائي سواء في ما يتعلق بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية الستراتيجية او توفير المواد الغذائية الأساسية كالزيت والطحين والسكر والرز وغيرها"، منبهاً أن "القطاع الزراعي وبسبب شح المياه وارتفاع أسعار الأسمدة وتأجير الآليات، شهد تفاوتاً في كميات الانتاج، لا سيما أن التخصيصات في الموازنة العامة لا تلبي الطموح، لذلك يجب على الحكومة، دعم الفلاح، فالعراق يمتلك جميع مقومات إنجاح العملية الزراعية، لكن ما ينقصه هو الجدية في ذلك".
 
النباتي والحيواني
يشار الى أن وزير الزراعة محمد الخفاجي، عقد أمس الأول (الأحد)، اجتماعاً لمناقشة الخطة الزراعية وتطوير القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني ووضع الحلول المناسبة لها.
وأشار بيان صادر عن الوزارة تلقت "الصباح" نسخة منه، الى أن "الخفاجي ترأس جلسة هيأة رأي الوزارة، لمناقشة عدد من المواضيع التي تسهم في نجاح الخطة الزراعية وتطوير القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، ووضع الحلول المناسبة لها"، لافتا الى أنه "جرت خلال الجلسة، مناقشة سبل تحقيق الأمن الغذائي، والتجاوزات على الأراضي الزراعية وبناء العشوائيات عليها، وضرورة توفير الأسمدة خلال الموسم الصيفي المقبل، والمكافحة الجوية لحشرة دوباس النخيل وصيانة الطائرات الزراعية من قبل شركة إيرباص الفرنسية، والحنطة العلفية بالتنسيق مع وزارة 
التجارة".
بدوره بين الصناعي عبد الحسن الشمري "إمكانية تفعيل دور المصانع التي تتعامل مع المنتجات الزراعية، والتي توقفت بسبب عدم وجود حماية للمنتج الوطني، إذ توجد آلاف المصانع المتوقفة التي تعمل بشكل جزئي يمكن إعادتها الى الحياة وتشغيلها بكامل طاقاتها الانتاجية، وهذا الأمر يحتاج الى تنسيق عالٍ بين القطاعين العام المنظم لعملية التصنيع والقطاع الخاص المنفذ لآلية التصنيع".