لجانٌ ومؤسسات

آراء 2022/03/16
...

  بشير خزعل 
 
إعادة النظر في موضوع تشكيل بعض اللجان التي تنوب في أحيان كثيرة عن عمل واختصاص مؤسسات الدولة، أمر ضروري في برنامج الحكومة القادمة، فليس من المعقول أن تتولى اللجان التي تشكل من جهات مختلفة مهمات الموسسات الحكومية المختصة في متابعة بعض القضايا الحساسة، فقد تنحى بعض اللجان عن مسارها في تصحيح الأخطاء وتتحول إلى تصفية حسابات مع هذا وذاك، وبهذا الامر تتعقد المسألة التي جاءت من أجلها تلك اللجنة، في حين أن مؤسسة الدولة المختصة يحكمها القانون وسلسلة المراجع الإدارية، التي لا يمكن أن تتخطاها أو تتجاوزها بقرارات شخصية او
انفرادية.
 كما يحق للخصوم أو المتهمين باللجوء  للقانون والدفاع عن أنفسهم بسلسلة إجراءات ادارية قانونية، سوا كانوا أفرادا أو جهة او مؤسسة، وبذاك يكون القرار والحكم مستوفيا لشروط الإنصاف، بعيدا عن الظنون والشكوك وتقاطع المصالح والاتجاهات، وأيضا للابتعاد عن الاتهامات التي تطول تلك اللجان بأنها تابعة إلى جهة ما تديرها عن بعد، لأغراض تصفية الحسابات أو لإزاحة العقبات، التي تمنع تحقيق الغايات.
فاللجنة حتى وإن كانت مهنية في عملها، فهي ستبقى موضع شك لدى الكثيرين،  في حين أن المؤسسات الحكومية والمحاكم والقضاء لا يمكن أن تتعرض إلى التشكيك او العداء، الأمر الآخر أن موضوع اللجان هو مخالف لما جاء في دســتور جمهورية العراق حسب اراء المختصين في القانون، لإخلاله بمبدأ الفصل بين الســلطات، ومساســه بحرية الإنســان وكرامته، وباســتقلال الســلطة 
القضائية. 
وعلى سبيل المثال تعدّ هيئة النزاهة مــن الهيئات المســتقلة دســتورياً بموجب أحكام المادة 102 من دســتور العراق، وهي مختصة بمكافحة الفســاد، ولا يجوز نــزع اختصاصاتها بأمر ديواني أو تشكيل لجنة تنوب عنها، لأن ذلك يعــدُّ بمثابة 
تعديل لقانون هيئة النزاهة والكسب غير المشــروع رقم 30 لسنة 2011 المعدل، العامــل الرئيــس لمكافحة الفســاد يتمثل بضرورة وجود إرادة سياسية لمواجهته من خلال اســتئصال أســبابه وتصفية الآثار المترتبة عليه، مكافحــة الفســاد تقتضــي إســناد المراكــز الإدارية الرفيعة إلى أشــخاص يتمتعون بالكفاءة والنزاهــة والعلمية والخبرة، بعيداً عن المصالح السياســية الفئوية 
الضيقــة.
اذ تتحول الوظيفة العامة بوجود الفســاد من وسيلة لإدارة الشــأن العام وخدمته، ومن كونها تكليفاً قانونياً وأمانة وطنية مقدســة إلى سلعة تتم المتاجرة بها لتحقيق المصلحة الخاصة على حســاب المصلحة العامة.
عمل مؤسسات الدولة المتخصصة يجب ألا تنوب عنه لجان تشكل من هنا وهناك، وإلا فما الحاجة لهيئة النزاهة او المحاكم والقضاء والرقابة الادارية والمالية وغيرها من المؤسسات المعنية في تقديم الخدمات او المتابعة، ما ينقص مؤسسات الدولة هو تفعيل القوانين وتجديدها واختيار الكفاءات الإدارية القادرة على تقويتها في المتابعة وتقديم الخدمات بتفاصيلها الدقيقة وليس بصورة هامشية لم ترقَ إلى مستوى 
الطموح.