وسائل التواصل الاجتماعي بين الحياد والانحياز

آراء 2022/03/16
...

 سلام محمد
 
يتساءل الكثير من الناس يوميّاً عن حياديّة، الهيئات والمسؤولين، والرؤساء، والقنوات، التي تهمّهم، وتتعلّق بحياتهم اليوميّة، وحتّى وسائل التواصل التي بدورها بدأت تأخذ دور الإعلام الأوّل، والمساهم في صياغة الرأي العام لدى شعوب العالم، وفي حقيقة الأمر كان ولا يزال موضوع الحياد والاستقلال لأي تيّارٍ أو شخصٍ أو مؤسسةٍ يشكّل عنصراً مهمّاً في قبولها ورفضها من قبل الرأي العام، إنّ جودة أي مؤسسة مهما كانت عاليةً لا تمثّل شيئاً ما دامت فاقدةً لحيادها، إن الحياد مرتبط بالحقيقة، والذي يفقد حياده لا يمكن أن يمثل، أو يعدّ نفسه باحثاً عن الحقيقة، ووسائل التواصل الاجتماعي التي يظن كثير من الناس أنّها ابتكارات شخصيّة، وأن مؤسس شركة فيسبوك مثلاً مواطن أو رجل أعمال يجلس في بيته، أو شقته، وليست له أيّ علاقةٍ بحكومة ٍأو رجال دولةٍ، أو أحزابٍ، وفي الحقيقة هذا تصوّر بسيط وسطحيّ جداً، والأحداث الأخيرة في عالمنا كشفت النقاب عن انحياز وسائل التواصل الاجتماعي، وقد رأينا جميعاً شركة تويتر وما فعلته مع الرئيس الأميركي ترامب، وكيف انحازت الشركة بشكلٍ علنيٍّ لصالح المرشح في وقته، بايدن،وقامت بحجب الرئيس ترامب من تويتر، علماً أن ترامب يتابعه عبر العالم أكثر من 88 مليون متابع، ولا أدري على ماذا استندت الشركة حين حجبته منها، وهل صدر قرار قاضٍ او محكمةٍ مختصّةٍ بذلك.! وما هي التهمة؛ لكي تحجب الشركة رجلاً متابعيه يفوقون الـ88 مليون انسان.؟
وما إن طلّت الحرب الروسيّة الأوكرانيّة برأسها، حتّى عادت وسائل التواصل الاجتماعي إلى أدوار الانحياز الواضح، حيث سمحت شركة فيسبوك مؤخراً، بشعاراتٍ ضد روسيا مثلاً" الموت للجيش الروسي" علماً أنّ شركة فيسبوك من ضمن معاييرها أنّها تمنع أيّ خطابٍ للكراهيّة، ولا أدري كيف استثنت الشركة الخطاب ضد روسيا. ؟
ومن الذي أجبر الشركة يا ترى؛ لكي تغيّر نهجها العام وتنحاز بشكلٍ فاضحٍ لاتجاه ٍ معيّن.؟ وفي الحقيقة إنّ مثل هذه المواقف تقلل من قيمة أيّ مؤسسةٍ إعلاميّةٍ مهما كانت رصينةً، وكما يصف الدكتور باسم جاسم خبير العلاقات الروسيّة الأوكرانيّة وسائل التواصل 
بـ"المجندة" وأنّها ترتبط بأجنداتٍ تفرض عليها وجهات النظر وتبنّي المواقف؛ ولهذا ليس غريباً أن نجد دولةً مثل الصين تنشئ برامج خاصّةً بها، ومنها تيكتوك على سبيل المثال لحماية أمنها، وتشكيكها بحياديّة وسائل التواصل الأخرى، وفي جهة أخرى صرح نائب رئيس لجنة المجال المعلوماتي الروسي: أنّ هناك تطهير عرقي رقمي ضد كل ما هو روسي، ولست أعرف أنا كمتسائل عادي، متى كانت وسائل التواصل أدواتٍ للحرب تمارس الاصطفاف والتحزّب مع معسكرٍ ضد معسكرٍ 
آخر.! 
ولا أدري أيضاً أين ذهبت مبادئ ومعايير هذه المنصات الاجتماعيّة؟ التي كما نرى أنّها حبر على ورق بعد أن تم تجاهلها وضربها عرض الحائط.